والمعروف أن الحديث الثابت هو ما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد يكون في "الصحيحين"، أو في غيرهما؛ كأحد السنن، أو المسانيد أو كتب الصِّحاح الأُخرى، أو في غير ذلك من كتب السُّنَّة الكثيرة المنتشرة المعروفة.
وهَكَذا اصطلح عليه، ولا مشاحَّة في الاصطلاح، ولكن لا يَلْزم من هذا أن غير هذه الأحَاديث غير صَحيحَةٍ.
الاصطلاح الثاني: يقول: إذا قلت: "الجمهور"، فأقصد بذلك الأئمة الثلاثة أو في مقدمتهم الأئمة الثلاثة.
يَرِدُ هنا سؤال، لماذا لا يذكر المؤلف الإمام أحمد؟ هل هناك سببٌ من الأسباب؟
للعلماء آراء، والعلةُ واضحةٌ نبَّه عليها المؤلف، ولا ينبغي أن تتلمس علةً من العلل أو سببًا من الأسباب في غير كلام المؤلف أو فعله، فإنه يقول: وقد عَوَّلْتُ على نقل المذاهب على آراء العلماء من كتاب "الاستذكار" لابن عبد البَر، وكتاب "الاستذكار" من المدونات الضخمة، وقد أصبح مطبوعًا منذ سنة تقريبًا، فالمُؤلِّف هنا يُعَوِّلُ في نَقْل المَذَاهب على هذا الكتاب.
وكتاب "الاستذكار" كثيرًا ما يَتْرك ذِكْرَ الإمام أحمد، فهل ابن عبد البر ممَّن يعدُّون الإمام أحمد من المحدِّثين وليس من الفقهاء؟
هكذا يصطلح البعض، وأنا أُخَالفهم في هذه المسألة، لا أقول: إن أولئك لا يعتبرون الإمامَ أحمدَ من الفقهاء؛ لأنهم لو اعتبروا ذلك لكان زورًا من القول، لكنهم يعتبرون أن الإمام أحمد اشتهر بعلم الحديث، فَكَان من أكابر علمائه، وكان من أوائل مَنْ يُرْجع إليهم فيه؛ ولذلك قالوا: هو مُقدَّمٌ في علم الحديث، فَجَعلوا الفقه مرحلةً ثانيةً.
وهذا نُقِلَ عن ابن جريرٍ الطبري -رحمه الله -؛ فهو في كتابه "اختلاف الفقهاء" المعروف، وهو كتابٌ مطبوع، لم يذكر الإمام أحمد -رحمه الله -.