للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن عبد البر -رحمه الله - في كتابه: "الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة"، فسماهم: مالكًا والشافعي وأبا حنيفة؛ ولم يذكر الإمام أحمد -رحمه الله -.

والمؤلف لم يصرح بأنه يرى هذا الرأي، ولكنه يقول: عَوَّلْتُ في نقلي المذاهب على كتاب "الاستذكار" لابن عبد البَر، ومَنْ أراد أن يعرف حقيقة الأمر، وأن المؤلف لا يقصد أن الإمام أحمد -رحمه الله - ليس من الفقهاء، فَلْيَنظر إلى هذَا الكتاب؛ فإنَّ المؤلِّف يَذْكره في مواضعَ كثيرةٍ، إذا وجد رأي الإمام أحمد -رحمه الله -، دَوَّنه في كتابِهِ.

إذًا؛ هو لا يرَى هذا الرأي، فلماذا نُلْزمه رأيًا يعمل على خلافِهِ؟

وهَذِهِ أيضًا مسألةٌ مهمةٌ جدًّا من مسائل هذا الكتاب.

وَأَهَمُّ ما أريد أن أُنبِّه علَيه:

أنَّ هذا الكتابَ لا يفهم طُلَّاب العلم أنهم إذا دَرَسوه كانوا من حُفَّاظ الفقه؛ فإنَّ من أوسع كتب الفقه ومن أهمها كتاب: "المغني" لابن قدامة، ومع ذلك فإنَّ كتاب ابن قدامة لم يَسْتقصِ كل مسائل الفقه، وإنْ كان قد حوى أكثرها، لكنه ما شملها جميعًا.

وكذلك كتاب: "المجموع" للنووي بِتَتِمَّاته، لم يحوِ كُلَّ الفقه.

وعليه، لا تَسْتطيع أن تقول بأنَّ كتابًا واحدًا قد حوَى كل مسائل الفقه.

نعم، أقول لك: لو قرأت كتاب: "المغني" لابن قدامة، لألممتَ بالفقه؛ فهذا كلامٌ صحيحٌ؛ لأنك أخذتَ أهمَّ أصولِهِ، وأهمَّ فروعِهِ، ولم يفتك إلا القليل، وكَذَلك "المجموع".

وَلَكن ليسَ مَعْنى هذا التقليل من شأن كتاب ابن رشد الذي معنا؛ فهو يمتاز بميزةٍ يَنْدُرُ وُجُودها في بعض الكتب، بل إنَّه اصطلح بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>