للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن الوضوء عبادة معقولة المعنى المقصود بها: النظافة (١)، وذهب بعضهم: إلى أنها عبادة توقيفية غير معللة يقصد بها إلى جانب النظافة أمر تعبدي (٢).

• قوله: (وَالَّذِينَ فَهِمُوا مِنْهُ أَنَّهُ شَرْعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ: مِنْهُمْ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ المَنْهِيِّ عَنْهُ (٣)، وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ المَنْهِيِّ عَنْه، وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الكَرَاهَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الحَظْرِ، فَمَنْ فَهِمَ أَنَّ المَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُنْهِرُ الدَّمَ غَالِبًا، قَالَ: إِذَا وُجِدَ مِنْهُمَا مَا يُنْهِرُ الدَّمَ، جَازَ، وَلذَلِكَ رَأَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَا مُنْفَصِلَيْنِ إِذْ كانَ إِنْهَارُ الدَّمِ مِنْهُمَا إِذَا كَانَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَمْكَنَ، وَهوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ (٤)).

لكن الأولى للمسلم أن يتجنب مثل هذه الأُمور؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عنهما {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].


(١) وهم الحنفية، وتقدم مفصلًا عند قول المصنف: "المسألة الأولى من الشروط اختلف علماء الأمصار هل النية شرط في صحة الوضوء أم لا".
(٢) وهم الجمهور، وتقدم مفصلًا، عند قول المصنف: "المسألة الأولى من الشروط اختلف علماء الأمصار هل النية شرط في صحة الوضوء أم لا".
(٣) يُنظر: "التلخيص في أصول الفقه"، للجويني (١/ ٤٨١ - ٤٨٢)؛ حيث قال: "هذا مما اختلف فيه الفقهاء والمتكلمون فما ذهب إليه الجمهور من أصحاب الشافعي ومالك، وأبي حنيفة، وأهل الظاهر، وطائفة من المتكلمين: أن النهي عن الشيء يدل على فساده كما أن الأمر بالشيء يدل على إجزائه، ثم اختلف هؤلاء فذهب بعضهم أن النهي دال على فساد المنهي عنه من جهة وضع اللسان، وذهب آخرون إلى أن النهي إذا ثبت فإنما يعلم فساد المنهي عنه بموجب الشرع دون قضية لفظ النهي في اللغة، وذهب الجمهور من المتكلمين أن النهي لا يدل على الفساد، ثم أجمع هؤلاء على أنه كما لا يدل على فساد المنهي عنه لا يدل على صحته وإجزائه".
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>