للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - … إِنَّا لَاقُو العَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، فَنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ" (١)).

هذا حديث متفق عليه.

المدى: جمع مدية (٢)، وهي السكينة التي كانوا يذبحون بها، "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر" (٣)؛ أي: ما عدا السن والظفر فإنه لا يذبح بهما.

• قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِ أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ لَيْسَ فِي طَبْعِهَا أَنْ تُنْهِرَ الدَّمَ غَالِبًا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ شَرْعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ (٤)).

اختلف العلماء هل النهي تعبدي غير معقول المعنى، أم معلل؛ لأن من العبادات ما هو معقول المعنى ومنها ما هو غير معقول المعنى (٥)؛ ولذلك اختلف العلماء في إيجاب النية في الوضوء؛ فذهب بعض العلماء


(١) تقدَّم.
(٢) المدى: جمع مدية، وهي السكين والشفرة. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٤/ ٣١٠).
(٣) تقدَّم.
(٤) وهم الشافعية والحنابلة.
(٥) يُنظر: "الفقيه والمتفقه"، للخطيب البغدادي (١/ ٥٤٨)؛ حيث قال: "التعبد من الله تعالى لعباده على معنيين:
أحدهما: التعبد في الشيء بعينه لا لعلة معقولة، فما كان من هذا النوع لم يجز أن يقاس عليه.
والمعنى الثاني: التعبد لعلل مقرونة به، وهي الأُصول التي جعلها الله تعالى أعلامًا للفقهاء، فردوا إليها ما حدث من أمر دينهم، مما ليس فيه نص بالتشبيه والتمثيل عند تساوي العلل من الفروع بالأصول".

<<  <  ج: ص:  >  >>