للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلمون الحيوان يقسمه العلماء إلى قسمين: حيوانٌ إنسي (١) وهو الذي يعيش معنا كبهيمة الأنعام، وحيوانات متوحشة (٢)، كالحُمُر الوحشية، وكذلك البقر الوحشي، والغِزْلان، والظِّباء، وغير ذلك، وهي كثيرة جدًّا، هذه هي المتوحشة، الآن المؤلِّف سيعرضُ لمسألةٍ هامَّةٍ جدًّا فيما لو توحش حيوانٌ إنسيّ كيف نعامله؟ أيجوز لنا أن نعاملَه معاملة الحيوان الوحشي التي تكون ذكاته بالعقر (٣)؟ أم لا بدَّ من أن يظلَّ الحكمُ السابق بالنسبة له ألا وهو الذبح أو النحر؟ أما النحر فيكون باللبد (٤)، أو الذبح الذي بيَّنا مراحله وينبغي أن يفري الودجين.

* قوله: (فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ (٥): لَا يُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ يُنْحَرَ).

مالكٌ رحمه الله بقي على الأصل، ولعله لم يبلغه حديث أبي ثعلبة الخشني (٦) الذي سيعرض له المؤلف في هذا المقال، فهناك حديثٌ ورد


(١) الإنسي من الحيوان الجانب الأيسر. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢٦١١).
(٢) الوحش: كل ما لا يستأنس من دواب البر، فهو وحشي. تقول: هذا حمار وحش.
وكل شيء يستوحش عن الناس فهو وحشي. انظر: "العين " للفراهيدي (٣/ ٢٦٢).
(٣) سيأتي بالتفصيل الكلام عن العقر.
(٤) اللبد: وزان حمل، ما يتلبد من شعر أو صوف. واللبدة أخص منه. يقال: لبدت الشيء تلبيدًا ألزقت بعضه ببعض، وهي الشعر المتراكب بين كتفيه. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٣٣)، و"المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٥٤٨).
(٥) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ١٠٣)، حيث قال: " (وإن) كان (تأنس) ثم توحش (عجز عنه) صفة لوحشيًّا، أي: وحشيًّا معجوزًا عنه، لا إن قدر عليه (إلا بعسر) قال فيها من رمى صيدًا فأثخنه حتى صار لا يقدر على الفرار، ثم رماه آخر فقتله لم يؤكل أي: لأنه صار أسيرًا مقدورًا عليه (لا نعم شرد) أي لا جرح نعم شرد .. وأراد به ما قابل الوحشي فيشمل الإوز والحمام البيتي، فلا يؤكل بالعقر ولو توحش". وانظر: "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب" لخليل (١٩٣).
(٦) سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>