للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا العمل وأن تقترب منه، فأنت إذا وقَفْتَ عند هذا الأمر تكون بذلك قد التَزَمْتَ أوامر الله واجتنبتَ نواهِيَه، وبذلك تكون قد سعدت في الدنيا وفزت في الآخرة، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة: ٩٤]، إذن الذي يمنعك من أن تأكل هذا الصيد وأن تعتدي عليه وأن تأخذه وقد تكون بحاجة إليه، إنما هي مخافة اللَّهِ سبحانه وتعالى، وخشيتُهُ سبحانه وتعالى، ولذلك نجد أن الله - تعالى - يقول عن رُسُلِهِ: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله} [الأحزاب: ٣٩]. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ١ - ٤]، إذن خشية الله وخوفه هي التي تمنع الإنسان من أن يقع في مثل هذا كما قال الله تعالى: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: ٩٤]، إذن هذه هي الآية الأولى.

* قوله: (وَالثَّانِيَةُ قوله تعالى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ (١) وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] الْآيَةَ).

إذن هذه الآية الأخرى جاءت لتبين الاستثناء: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)} [المائدة: ٤] فكثيرٌ من آياتِ الأحكام تُختَتَمُ بِالتخويف من أن يُرتكب ذلك العمل المنهي عنه، فقال عزَّ وجلَّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: اجعلوا بينكم وبين


(١) يُنظر: "تفسير الطبري" (٨/ ٩٩) حيث قال: "قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، "وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح، وأحل لكم أيضًا مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح، وهن الكواسب من سباع البهائم والطير، سميت جوارح لجرحها لأربابها وكسبها إياهم أقواتهم من الصيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>