للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عذاب الله وقاية؛ وتعليل ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، ثم قال بعدها: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥]، إذن إذا منعنا الله سبحانه وتعالى من أمرٍ فقد يسَّر لنا أمورًا كثيرةً، وهئأَ لنا سُبُلًا متعددةً، إذن هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} أي: جميع الطيبات {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} الجوارح (١): جمع جارحة، وأصل الجارح إنما هو الكاسب، ولذلك يقال: فلانٌ جارحة أهله أي: هو الذي يأتي بالمعيشة لهم، يؤيد ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠] أي: ويعلم ما كسبتم بالنهار، وقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} أي: من التكليب وهو الإغراء، أي: أنكم أغريتم هذه الجوارح.

إذن الله سبحانه وتعالى أباحَ لنا الصيد بعد أن مَنَعَه، فقال عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة؛ ١]، ثم بعد ذلك أباحه في آيةٍ ليست ببعيدة من ذلك، فقال - سبحانه -: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، أيضًا هنا مي {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤] يعني: تُسمِّ الله سبحانه وتعالى إذا أرسلت سهمًا أو كَلْبًا أو صقرًا أو فهدًا أو غير ذلك من الأمور التي يُصاد بها.

* قوله: (وَأَمَّا الْحَدِيثَانِ فَأَحَدُهُمَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ).

مراد المؤلف أنَّ الصيد ثَبَتَ بالكتاب وبالسنة.

* قوله: (وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ) (٢).


(١) الجوارح: ذوات الصيد من السباع والطير، الواحدة جارحة. انظر: "العين" للفراهيدي (٣/ ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٤٨٣) واللفظ له، ومسلم (٢/ ١٩٢٩) عن عدي بن حاتم، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب؛ فقال: "إذا أرسلت كلابك=

<<  <  ج: ص:  >  >>