للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: إذا وضعت له علامة ثم دعوته يأتي مُقبلًا وهذا معروف عند الكلاب.

* قوله: (وَالثَّانِي: أَنْ تُشْلِيَه، فَيَنْشَلِيَ).

معنى تشليه فينشلي، أي: أغراه فاندفع وسارَ وراء الصيد، ويقول علماء اللغة: إن أصل كلمة أشلى دعا، أشْلاهُ بمعنى دَعاه (١)، وهذا أسلوبٌ يعرفه أهل الصيد، فالمراد بها الإغراء (٢)، بمعنى أنك تغري هذا الكلب مَثَلًا أو الجارح وراء الصيد لينطلق، فإذا أرسلته استرسل، يعني: توجهه إلى هذا الحيوان فينطلق خلفه، وأن تدعوه فيجيب، وهو الذي عبر عنه المؤلف بمعنى: شلاه فانْشَلى، يعني أشلاه على الفريسة فانشلى وراءها.

* قوله: (وَالثَّالِثُ: أَنْ تَزْجُرَ فَيُزْدَجَرَ) (٣).

يعني: أن تردعه فيرتدع؛ لأنه إذا كان لا يسمع لكلامك إذا زجرته، حينئذٍ هو غير مُعَلَّم فرُبَّما تردعه عن الصيْد فينطلق وراءه، ثم توجهه إلى أمرٍ فيخالِفُك.


(١) أشليت الكلب: دعوته. قال ابن السكيت: يقال: أوسدت الكلب بالصيد وآسدته إذا أغريته به. ولا يقال: أشليته إنما الإشلاء الدعاء. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص: ١٦٨).
(٢) أشليت الكلب للصيد: أي دعوته. وأما أشليته بالصيد وعلى الصيد بمعنى أغريته.
انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (ص: ٢٥٦).
(٣) يُنظر: "روضة المستبين" لابن بزيزة (١/ ٧٠٧ - ٧٠٨)، حيث قال:" وتحصيل مذهب مالك في ذلك: أنه إذا انفلت بنفسه فلا يخلو أن يزجره ويغريه بعد انفلاته أم لا؟ فإن كان أغراه، واستدعى إليه فرجع إليه، أو وقف ثم بعثه (فانبعث)، .. فإن انبعث بإرسال الصيد، وليس في يده، ففي المذهب فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يؤكل، لأن المقصود إرساله بنفسه لا كونه تحت يده. والثاني: أنه لا يؤكل لاحتمال أن يكون انبعاث الجارح بنفسه، فلا يتحقق انتفاء ذلك إلا أن يخرجه من تحت يده. والقول الثالث: إن الجارح إن كان قَريبًا أكل الصيد، لأنه إن كان قريبًا منه فكأنه تحت يده، بناءً على أن ما قرب الشيء له حكمه، وإن كان الجارحُ بعيدًا لم يؤكل، ومبناه على أن قربه بعمل يده يغلب على الظنِّ ائتماره له لا لنفسه فخالف البعيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>