للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون القدوة والحجة في هذه المسألة، ثم ذكر العلة قال: لأنك تستطيع أن تضرب الكلب ولا تستطيع أن تضرب الصقر ونحوه (١)

قوله: (وَالْحَدِيثُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ الله - فَكُلْ". قُلْتُ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "وَإِنْ أَكَلَ" (٢)، فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنْ حَمَلَ حَدِيثَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَلَى النَّدْبِ، وَهَذَا عَلَى الْجَوَازِ - قَالَ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ألَّا يَأكُلَ، وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ إِذْ هُوَ حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَقَالَ: مِنْ شَرْطِ الْإِمْسَاكِ أَنْ لَا يَأْكُلَ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، قَالَ: إِنْ أَكَلَ مِنَ الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ).

يعني: لو صاد الكلب فأكل، حديث عدي المتفق عليه: "وإن أكل فلا تَأكُلْ" (٣)، وجاء في رواية مختلف فيها تكلم عنها العلماء، وذكروا أنها معلولة فيها: "وإن أكل فكُلْ" (٤) وبعض العلماء أجابوا وقالوا: إن الأصل


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" معلَّقًا (٩/ ٣٩٩) قال: "ويذكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل، وإذا أكل الصقر فكل؛ لأن الكلب تستطيع أن تضربه والصقر لا تستطيع".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه أبو داود (٢٨٥٧) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن أعرابيًّا يقال له أبو ثعلبة قال: "يا رسول الله إن لي كلابًا مكلبة فأفتِنِي في صيدِهَا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن كان لك كلاب مكلَّبة فكل مما أمسكن عليك". قال ذَكِيًّا أو غير ذكي؟ قال: "نعم". قال: فإن أكل منه؟ قال: "وإن أكل منه … ". وقال الألباني في "ضعيف أبي داود - الأم" (٢/ ٣٨٧): إسناده حسن. لكن قوله: "وإن أكل منه".
مخالف لما في "الصحيحين"؛ كما ذكرنا آنفًا. وبذلك أعله البيهقي، وبالمخالفة أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>