للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه أنه نهى عن صبر البهائم (١)، يعني: أن تأتي بالطير أو البهيمة فتضعه في مكانٍ، فتتعلم عليه الصيد، وقد مر عبد الله بن عمر الصحابي الجليل على نفرٍ من قريش وهم يَفْعَلون ذلك، فتَفرَّقوا مبتعدين، فأنكر عليهم ذلك، وأورد نَهْي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) عن ذلك.

إذن، لا ينبغي حقيقةً للمسلم أن يؤذي حيوانًا، وأخرج مسلم وغيره: "إنَّ اللهَ كَتَب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" (٣)، و"في كل ذات كبد رطبة (٤) أجر" (٥).

إذن، لا ينبغي التجاوز في أمرٍ من الأمور، فينبغي للإنسان حقيقةً ألَّا يؤذي حيوانًا أو طيرًا.


= قال: "مَا من إنْسَانٍ يقتل عصفورًا، فما فوقها بغير حقِّها إلا سأله الله عنها"، قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: "يذبحها فيأكللها، ولا يقطع رأسها، فيرمي بها"، وضعَّفه الأَلْبَانيُّ في "غاية المرام" (ص ٤٩).
(١) أخرجه البخاري (٥٥١٣) ومسلم (١٩٥٦) عن هشام بن زيد قال: دخلت مع أنس على الحكم بن أيوب، فرأى غلمانًا، أو فتيانًا، نصبوا دجاجةً يرمونها، فقال أنس: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُصْبر البهائم.
قال الصَّنْعَانيُّ في "سبل السلام" (٢/ ٥٢٤): "ووجه حكمة النهي أن فيه إيلامًا للحيوان، وتضييعًا لماليته، وتفويتًا لذكاته إن كان مما يذكى، ولمنفعته إن كان غير مذكى".
(٢) أخرجه البخاري (٥٥١٥)، واللفظ له، ومسلم (٩٥٨/ ٥٩)، عن سعيد بن جبير، قال: كنت عند ابن عمر، فمروا بفتية، أو بنفر، نصبوا دجاجةً يرمونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، وقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَعَن من فعل هذا.
(٣) أخرجه مسلم (١٩٥٥) عن شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته".
(٤) "رطبة": حية؛ لأن الميت إذا مات جفت جوارحه، والحي يحتاج إلى ترطيب كبده من العطش. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢٨٨).
(٥) أخرجه البخاري (٢٣٦٣) ومسلم (٢٢٤٤)، وفيه: … وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: "في كل كبد رطبة أجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>