للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرهوا ذلك كراهة تنزيه، لكن الصحيح أنه حيوان ومدَرَّبٌ فلا فرق بينه وبين غيره.

قوله: (لِأَنَّ الْخِطَابَ فِي قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]- مُتَوَجِّهٌ نَحْوَ الْمُؤْمِنِينَ).

فالخطاب للمسلمين، فمن قَصَرَ النصَّ على ظاهره قال: لا يجوز أن تصيد بكلب مجوسي، وإن صِدْتَ، فلا يجوز لك أن تأكل منه؛ لأنَّ الله تعالى قيَّد ذلك بقوله: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤]، وهذا لم تُعلِّمه أنت، وإنما علَّمه غيرك، والذي علَّمه لا يجوز أن تأكل ذبيحته، ولا صيده، كذلك لا يجوز أن تأكل منه، لكن الجواب: أن هذه آلة، وفرق بين الصائد وبين آلته، فلو أخذت سكينًا من مجوسي، وذبحت بها، لجازت أيضًا هذه الذبيحة، إذًا هذه بمثابة آلة، فلا يلحق الحُكْم بالصائد نفسه.

قوله: (وَهَذَا كَافٍ بِحَسَبِ الْمَقصُودِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ).

بعد أن ذكر لنا جملة من أحكام الصيد، وقصر مباحثه على قواعده وأساسياته بيَّن أن هذا كافٍ، فكأنه يقول: وضعت في هذا الكتاب أمهات المسائل وقواعده، ومن أراد تتبع الفروع والسير خلف الجزئيات، فعليه أن يقرأ في غير هذا الكتاب من الكتب المطولة التي تعنى بتلك الفروع.

وفي الختام: الصيدُ نعمةٌ من نعم الله سبحانه وتعالى، فساقه لنا كغيره مما تفضل علينا، ولَا ينبغي للمسلم أن يؤذي الصيد، أو يجور فيه، أو يتعدَّى عليه دون أن تكون له حاجة، وقد ذكرنا حديثًا في هذا المقال: "ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقه بغير حقها إلا سأله الله تعالى عنها يوم القيامة"، قيل: وما حقها؟ قال: "تذبحها فتأكلها لا أن تقطع رأسها وترميها" (١).


= طائفة: أن يصطاد بكلب المجوسي، وممن روي عنه أنه كَرِه ذلك: جابر بن عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، والنخعي، والثوري، وإسحاق".
(١) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٤/ ٤٨٩) وغيره، عن عبد الله بن عمروٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - =

<<  <  ج: ص:  >  >>