للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحنفية (١) والشافعية (٢): يخالفون في ذلك، مع أن مذهب الشافعية ليس على إطلاقه كما ذكر المؤلف، ولننتبه إلى أن هناك فرقًا بين أن يرسل إنسانٌ صيده كلبه المعلَّم فيشاركه كلب مجوسي، فلا يجوز الأكل من الذبيحة؛ لأنه لا يجوز لك أن تأكل من صيدِ المجوسِيِّ؛ ولأنه لا بد فيه من القَصد ومن التسمية، والمجوسي لا يصح منه شيء من ذلك، واستثني من ذلك أهل الكتاب، لكن هناك صورة أخرى لو أن مجوسِيًّا علَّم كلبَهُ فَوَهَبَه لمسلمٍ فصاد به، هل يجوز الصيد به أم لا؟ الجواب: أكثر العلماء يجيزون ذلك وهو الصحيح، ومن العلماء: من منع والخلاف يدور حول قول الله سبحانه وتعالى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤]، فهنا الخطاب للمسلمين، فمن قصر النص على ظاهره قال: لا يجوز أن تصيدَ بكلبِ مَجُوسي، وإن صدت فلا يجوز لك أن تأكل منه؛ لأن الله - تعالى - قيد ذلك بقوله: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤] وهذا لم تعلمه أنت، وإنما علمه غيرك، والذي علَّمه لا يجوز أن تؤكل ذبيحته ولا صيده، فلا يجوز أن تأكل منه، لكن الجواب أن هذه آلة، وفرق بين الصائد وبين آلته، فلو أخذت سِكِّينًا من مجوسي وذبحت بها لجازت هذه الذبيحة، إذن هذه بمثابة آلة أو هي آلة فلا يُلحق الحكم بالصائد نفسه.

قوله: (وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ (٣) وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الله، وَالْحَسَن، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالثَّوْرِيُّ (٤)).


(١) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١١/ ٢٤٥)، حيث قال: " (ولا بأس بصيد المسلم بكلب المجوسي المعلم وبازيه، كما يذبح بسكينه)؛ لأن المعتبر في الآلة أن تكون جارحًا، فلا يختلف ذلك بكون مالكه مجوسيًّا أو مسلمًا، والشرط يقترن بالفعل والفاعل في الذبح والاصطياد، والمسلم هو من أهل إيجاد هذا الشرط".
(٢) يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٩/ ١٠١)، حيث قال: "ولا خلاف عندنا أنه يحلُّ ما اصطاده المسلم بكلب المجوسي، كما لو ذبح بسكينته أو رمى بسهمه أو قوسه".
(٣) وهو مذهب الحنابلة ينظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٦)، حيث قال: "وإن صاد المسلم، بكلب المجوسي، فقتل، حل صيده. وبهذا قال سعيد بن المسيب، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي".
(٤) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٣/ ٤٥٠)، حيث قال: "فكرهت =

<<  <  ج: ص:  >  >>