للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أن إنسانًا قَذَفَ إنسانًا، بأن رماه بأحد والديه أو قذفه بكلمةٍ قبيحة تؤثر فيه ففي هذه الحالة قد تعدى على هذا الإنسان، ويستحق في هذه الحالة أن يجلد حد القذف ثمانين جلدة، وفي نفس الوقت هناك حقٌّ خاصٌّ لله سبحانه وتعالى وهو إقامة الحد عليه، وكذلك الحال بالنسبة لحد السرقة والزِّنا، وكذلك أيضًا القصاص، وحدُّ البغاة، والمحاربين، فهذه الحدود فيها حقوق لله سبحانه وتعالى وحقوق للمعتدى عليه.

ثالثًا: هناك حقٌّ خاصٌّ بالمخلوق، وهو حق الإنسان في أن يتصرف في ملكه، في بيته، في أمواله إلى غير ذلك.

فالذي حرم عليك الصيدَ ما دُمْت محرِمًا، هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه قال: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦]، وقال تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥]؛ لأنه حق لله سبحانه وتعالى، فمن يعتدي على ذلك تعدَّى على حق الله سبحانه وتعالى وانتهكه، ويقول المالكية والحنابلة: من يقتل صيدًا وهو حُرُم، فإن الصيد ميتة لا يجوز له أن يأكل منه ولا أن يأكل منه غيره.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي كلْبِ الْمَجُوسِ الْمُعَلَّمِ فَقَالَ مَالِكٌ (١): الاصْطِيَادُ بِهِ جَائِزٌ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ الصَّائِدُ لَا الْآلَةُ).

العلماء قاسوا ذلك على ذكاة المجوسي فقالوا: إنها بمثابة الميتة لا يجوز الأكل منها؛ لأنه حرم عليك الصيد ما دمت مُحْرِمًا، وهذا رأي المالكية والحنابلة (٢)،


(١) يُنظر: "المدونة" لابن القاسم (١/ ٥٣٦)، حيث قال: "قلت: أرأيت كلب المجوسي إذا علمه المجوسي فأخذه مسلم وأرسله، أيأكل ما قتل؟ قال: نعم، قلت: وهذا قول مالك؟ ". وانظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩١٩).
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٧٦)، حيث قال: "وإن صاد المسلم، بكلب المجوسي، فقتل، حل صيده. وبهذا قال سعيد بن المسيب، والحكم، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي".

<<  <  ج: ص:  >  >>