للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين القليل والكثير، فيرى أن الكثير يدفع النجاسة وأن القليل تؤثر فيه (١)، فإذا ما وقعت في سائل قليل يراق، وله رواية ثالثة (٢): يفرق بين ما كان أصله ماءً وما لا، كالخل التمر وغيره، وأما أهل الظاهر (٣) فلهم تعليل غريب في هذا هم يوافقون الجمهور فيما يتعلق بالجامِدِ، لكنهم في غير الجامد يقولون: "إن كان سمنًا فإن كان سائلًا فإنها تؤثر فيه، وإن لم يكن سمنًا وكان سائلًا فلا تؤثر فيه النجاسة سواء كانت فارة أو غيرها، إلا أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه" (٤) وسبب ذلك أنهم يأخذون بظاهر النص ولا يأخذون بمفهومه فوقفوا عند هذا فقالوا: ورد النص في السمن وفي الفأرة فهنا نخص ذلك بالسمن، أما ما عَداهُ من السائلات فلا يتأثر إلا أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه؛ لأنه لن يكون أقوى من المقاومة من الماء فيلحق بالماء في هذه الحال، قال حديث أبي هريرة وميمونة، قد يُوهم أنه حديث واحد، ولكن حديث أبي هريرة عند أبي داود (٥) وغيره ومختلف فيه صحة


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٢٦)، حيث قال: "وعن أحمد، رواية أخرى، أنه لا ينجس إذا كثر".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٢٧)، حيث قال: "وعنه رواية ثالثة: ما أصله الماء كالخل التمري، يدفع النجاسة عن نفسه إذا كثر، وما ليس أصله الماء، لا يدفع عن نفسه".
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٤٣)، حيث قال: "وكذلك إذا كانت النَّجاسَةُ أو الحرام على جُرْم طاهر فأزلناها، فإن النجس لم يطهر والحرام لم يحل، لكنه زايل الحلال الطاهر، فقدرنا على أن نستعمله حينئذ حلالًا طاهرًا كما كان".
(٤) مذهب الظاهرية في وقوع النجاسة في السمن، يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٤٢)، حيث قال: "وحاشا السمن يقع فيه الفأر مَيتًا، أو يموت فيه أو يخرج منه حيّا، ذَكرًا كان الفأر أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا - فإنه إن كان ذائبًا حين موت الفأر فيه، أو حين وقوعه فيه ميتًا أو خرج منه حيًّا أهرق كله -، ولو أنه ألف ألف قنطار أو أقل أو أكثر، ولم يحل الانتفاع به جمد بعد ذلك أو لم يجمد، وإن كان حين موت الفأر فيه أو وقوعه فيه ميتًا جامدًا واتصل جموده، فإن الفأر يؤخذ منه وما حوله ويرمى، والباقي حلال أكله وبيعه والادهان به قل أو كثر".
(٥) أخرجه أبو داود (٣٨٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>