للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بئر بضاعة (١) القريبة من الحرم كانت تُلقى فيها لحوم الكلاب والخِرَقِ التي كانت تستعملها النساء بعد حيضتها، ومع ذلك كانوا يتوضؤون منها، فالماء إذا كان كثيرًا لا يتنجس؛ لأن الماء قالوا: يقاوم النجاسات إذا كان هذا الماء جاريًا، أما أن يكون جامدًا أو سائلًا فالجامد كما ذكر المؤلف السمن الذي يعرف: بالوَدَك (٢)، السمن إذا صار جامدًا، أو حتى السمن السائل لو وضعته في المُجَمِّدِ وأصبح ثلجًا يعني: مجمَّدًا ثم وقعت فيه فأرة فالحكم نأخذ فيه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي دلنا على - كل خير وحذرنا عن كل شر، والرسول بَيَّن أنه لو وقعت الفأرة في سمن فبعض العلماء قالوا: "إن الذي تقع فيه النجاسات سواء كانت فأرة أو غيرها لا يخلو من أمرين:

الأمر الأول: أن يكون جامدًا، فإن كان جامدًا طبَّقْنا ما في الحديث، تؤخذ هذه النجاسة وما حولها ونلقي بها ونستفيد مما بقي (٣).

الأمر الثاني: إن كان سائلًا فيأتي الخلاف، بعضهم قال: "إن كان سائلًا فإن ما يقع فيه من النجاسات ينجسه لا فرق بين قليله وكثير" وهذا مذهب الشافعي (٤) وأحمد في رواية (٥)، ولأحمد رواية أخرى يفرق فيها


(١) أخرجه أبو داود (٦٦) عن أبي سعيد الخدري، أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء" صححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤).
(٢) الودك بفتحتين: دسم اللحم والشحم وهو ما يتحلب من ذلك. انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٦٥٣).
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٥٠٧)، حيث قال: "فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإلقاء الفأرة وإلقاء ما مسها واتصل بها من السمن الجامد، وأجمع العلماء على أن أكل الفأرة الميتة وما باشرها من السمن الجامد حرام لا يحل أكل شيء من ذلك".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١٥٧)، حيث قال: " (ولو تنجس طاهر كخل ودبس ذائب) بالمعجمة (حرم) تناوله لتعذر طهره كما مر".
(٥) وهو معتمد مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٤٠)، حيث قال: " (وينجس كل مائع) قليلًا كان أو كثيرًا، (كزيت ولبن وسمن) وخل وعسل بملاقاة نجاسة، ولو مَعفوًّا عنها لحديث الفأرة تموت في السمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>