للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كثيرًا لم يتأثر، وفرق بين ما أصله الماء مثلًا كما يقولون: الخل التمر ليس أصله الماء، مثل الدُّهن والعسل إذا سال فهذا يتأثر بالنجاسة، أما ما أصله الماء ففيه قوة مقاومة فيقاوم ذلك.

* قوله: (وَالثَّانِي: مَذْهَبُ مَنْ يَعْتَبِرُ فِي ذَلِكَ التَّغَيُّرَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ (١)، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، وَهُمْ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٢) فَقَالُوا: هَذَا الْحَدِيثُ يُمَرُّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَسَائِرُ الْأَشْيَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَغَيُّرُهَا بِالنَّجَاسَةِ أَوْ لَا تَغَيُّرُهَا بِهَا).

فأهل الظاهر يقولون: بظواهر النصوص ولا يقيسون عليها غيرها، أي: لا يلحقون بها غيرها، فقالوا النص ورد في سمن جامد وقعت فيه فأرة، فلو وقعت في شيء غير جامد فإن هذا لا يؤثر إلا أن تتغير أوصافه كالماء تمامًا.

* قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْعَامُّ وَهُمُ الْجُمْهُور، فَقَالُوا: الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ بِنَفْسِ مُخَالَطَةِ النجِاسَةِ يَنْجُسُ الْحَلَال، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّلْ لَهُمُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَامِدًا أَوْ ذَائِبًا؛


(١) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (١/ ١٩٨)، حيث قال: "قال مالك - رحمه الله -: إذا وقعت قطرة من بول أو خمر في طعام أو دهن لا ينجس إلا أن يكون قليلًا، وقاله ابن نافع في حباب الزيت تقع فيها الفأرة".
معتمد مذهب المالكية بنجاسة الطعام إذا خولط بنجس بمجرد ملاقاته.
يُنظر: "منح الجليل" لعليش (١/ ٥٤)، حيث قال: "وينجس كثير طعام مائع بنجس قل، كجامد إن أمكن السريان، وإلا فبحسبه".
وينظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٥٩)، حيث قال: " (ولا يطهر) أي لا يقبل التطهير (زيت) وما في معناه من جميع الأدهان (خولط) بنجس".
(٢) ما نقل عن ابن حزم يؤيد أن العبرة عندهم في تنجس المائعات بالتغير لا كما قال الشارح - رحمه الله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>