للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي دَمِ الْحُوت فَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ نَجِسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَهُ نَجِسًا).

دم الحوت جاء في الحديث: "أُحِلَّتْ لنَا مَيتتانِ ودَمانِ، فأما المَيتَتانِ: السمك والجراد، والدَّمانِ الكبدُ والطحالُ" (١) فأحلت لنا ميتتان هي السمك والجراد، ودمان الكبد والطحال، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد (٢)، وهذا من المآخذ على هذا الكتاب عفا الله عنا وعنه، فهذا الدم الذي يخرج من الحوتِ هل هو نجس أم لا؟ الجواب: الأئمة مالك (٣) والشافعي (٤) وأحمد (٥) يرون: أنه نجس، وأبو حنيفة (٦) يرى: أنه ليس بنجس، ووجهة أبي حنيفة في ذلك وجهة قوية، لأنه يفرق بين دَم السَّمكِ ولين غيره، يقول: "سائر الدم إذا جف تجدْ أنه يَسْودّ، لكن دم السمك إذا جف أو يبس تجد أنه يكون أبيض" فهو يختلف عن غيره، ولذلك لا يرى أنه نَجِسٌ، وفيه تفصيل في بعض المذاهب.


= مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ٢٤٠)، حيث قال: "وأما الدم الباقِي على اللَّحْمِ وعظامه من المذَكَّاةِ فنجس معفو عنه كما قاله الحليمي، ومعلوم أن العفو لا ينَافِىَ النجاسة".
مذهب الحنابلة: نجاسة دم مأكول اللحم، ويعفى عن اليسير منه، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٩١)، حيث قال: " (أو من غير دم آدمي)، سواء كان من حَيوان (مأكول اللحم) كإبل وبقر (أو لا، كَهِرٍّ) بخلاف الحيوان النجس، كالكلب والخنزير، فلا يعفى عن شيء من دمه".
(١) أخرجه ابن ماجه (٣٣١٤)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٥٢٦).
(٢) أخرجه أحمد (٥٧٢٣). وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٥٢٦).
(٣) مذهب المالكية: نجاسته إن كان مسفوحًا كما تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) الحنابلة يعتبرونه من اليسير المعفو عنه، ينظر: "كشاف القناع" (١/ ١٩١)، حيت قال: " (كدم سمك) لأنه لو كان نَجِسًا لتوقفت إباحته على إراقته بالذبح، كحَيوانِ البَرِّ، ولأنه يستحيل ماء".
(٦) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (١/ ٣١٩)، حيث قال: " (قوله: ودم سمك)؛ لأنه ليس بدم حقيقة؛ لأنه إذا يبس يبيض والدم يسود".

<<  <  ج: ص:  >  >>