للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*قوله: (وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَوَّلَ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ الْمَنْصُورُ عِنْدَهُمْ (١)).

يعتمد المؤلف هنا وفي مواضع كثيرة على كتاب "الاستذكار" لابن عبد البر، ولو رجعنا إلى الكتاب لوجدنا أن ما يشير إليه المؤلف إما منقول نصًّا، أو له وجودٌ في هذا الكتاب.

لكن ابن رشد قرَّب المسائل؛ لأن ذاك كتابٌ يُعنَى بالأحاديث والآثار، وبنقل أقوال السلف، وبذلك تتشعب مسائله، فربما تمر بك صفحات دون أن تصل إلى القَصد الذي تروم الوصول إليه، لكن ابن رشد - رحمه الله - جمع تلك المسائل وأوجزها في شبه قواعد، ونحن نجد أن الإمام مالكًا في كتابه "الموطأ" بعد أن ذكر حديث "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي نابٍ من السباع" (٢)، ذكر أن هذا هو مذهبه، ومن هنا وقع الخلاف في مذهب مالك. وأما جمهور العلماء فإنهم يرون تحريم كل ذي نابٍ من السباع؛ على أن هناك بعض الحيوانات يختلفون فيها؛ لأن العلماء يختلفون في تحديد الناب ما هو؟ هل هو الناب مطلقًا؟ أو أن المراد به الناب القوي الذي يضرب به الحيوان فريسته؛ فمن العلماء من أطلق، ومنهم من قيَّد ذلك بأن يكون قويًّا، ولذلك نجد أنهم اختلفوا في مثل الثعلب، واختلفوا في الضبع، لوجود حديثٍ يدل على جواز أكله (٣)، وهكذا المسائل التي تمرُّ بنا - إن شاء الله - مما أشار إليه ابن رشد.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي" (٢/ ١١٧)؛ حيث قال: "والمكروه: سبع وضبع وثعلب وذئب، وهر وإن وحشيًا، وفيل وفهد ودب ونمر ونمس - وهذا مفهوم قوله فيما مر ووحش لم يفترس ما عدا الهر - وكلب ماء وخنزيره، المعتمد أنهما من المباح كما مر والمعتمد أيضًا أن الكلب الإنسي مكروه، وقيل حرام، ولم يرد قول بإباحته".
(٢) يأتي تخريجه قريبًا.
(٣) سيأتي تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>