للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٥] في سورة مكية؛ والآيات المكية إنما عُنيت بأمر العقيدة، فهي - كما نعلم - جاءت لمحاربة الشرك، ونشر العقيدة الإسلامية.

ولذلك نجد أنه في مفتتح هذه السورة بدأ الله - تعالى - بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)} [الأنعام: ١]، فقرر - سبحانه وتعالى - أنه وحده المستحق للحمد، ثم تكلم - سبحانه وتعالى - في هذه السورة عما يتعلق بأحكام العقيدة، وكيف كان الكفار يجعلون لله أندادًا كما في قوله: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: ١٩]، وقوله سبحانه: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} [الأنعام: ١٠٠] فهذه السورة إنما تُرسخ العقيدة.

فبيَّن العلماء أن الآيات المكية جاءت:

أولًا: لتقرير حقيقة التوحيد، وتثبيت العقيدة الإسلامية، ومحاربة الشرك والخرافات والبدع.

ثانيًا: لتقرير الأخلاق الفاضلة التي كانت موجودة، ومحاربة الرذائل والأخلاق السيئة التي كانت سائدة في تلك المجتمعات.

ثم نجد أن الغالب عليها قِصَرُ فواصلها؛ آيات قصيرة أجراسها قوية تقرع القلوب فتهزها.

فيقول العلماء في هذه الآية: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥]: أي: شيئًا محرمًا، وبعضهم يقول: أي: لا أجد محرمًا فيما تأكلونه وتطعمونه؛ ومنهم من يقول: هذه الآية نزلت نتيجة سؤال، سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمور، فجاء الجواب عنها. وأيضًا فإن تلك الأحاديث جاءت في المدينة، وتلك بمكة، إذًا هي متأخرة عنها، ولذلك تكون مقيِّدة لهذه الآية.

ولكن المقياس عند أبي حنيفة هو أكل اللحم، فما يأكل من هذه السباع اللحم؛ فلا يجوز أكله، إذًا هو مُحرَّم.

والمقياس عند الشافعية: هو أن يكون يعدو بطبعه، لا أن يكون غالبه العَدْو، ولذلك استثنوا الضبع والثعلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>