للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أكله فهو حرامٌ بلا شك؟ لأنه أيضًا من السباع، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكلب خبيث، وثمنه خبيث" (١)؛ إذًا هو يدخل أيضًا في الخبائث؟ وأما الانتفاع به؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اقتناء الكلب، إلا أن يكون كلب حراسة أو ماشية أو صيد، فالرسول استثنى ذلك؛ إذِ الراعي في الصحاري يحتاج إلى الكلاب، فالإنسان ينام، وهذا الكلب يقوم بحراسة الغنم، وهو معروفٌ بأمانته، ومعروفٌ أيضًا بوفائه لصاحبه، وبذكائه، أما أن يقتنيه الإنسان كما هو موجودٌ في هذا الزمان، أن يربي الكلاب ويُعنَى بها وينظفها؛ فهذا إنما هو تقليدٌ لغير المسلمين، ونحن منهيون أن نتشبه بأولئك الأقوام، إلى جانب أن الكلب نجس، بل يوجد في لعابه مادةٌ لا توجد في غيره، ولذلك جاء الأمر بغسل الإناء مما ولغ فيه سبع مرات


= صفة دون صفة، وأخرجت من الوصية من لم تصف أن له وصحيتك. قال: أجل، ولولا أنه خص تحريم السباع لكان أجمع وأقرب، ولكنه خص بعضًا دون بعض بالتحريم.
(قال الشافعي): فقلت له: هذه المنزلة الأولى من علم تحريم كل ذي ناب، فسل عن الثانية. قال: هل منها شيء مخلوق له نابٍ وشيء مخلوق لا ناب له؟ قلت: ما علمته، قال: فإن لم تكن تختلف فتكون الأنياب لبعضها دون بعض فكيف القول فيها؟ قلت: لا معنى في خلق الأنياب في تحليل ولا تحريم. لأني لا أجد إذا كانت في خلق الأنياب سواء شيئًا أنفيه خارجًا من التحريم. ولا بد من إخراج بعضها من التحريم إذا كان في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إخراجه. قال: أجل هذا كما وصفت، ولكن ما أردت بهذا؟ قلت: أردت أن يذهب غلطك إلى أن التحريم والتحليل في خلق الأنياب. قال: ففيم؟ قلت: في معناه دون خلقه، فسل عن الناب الذي هو غاية علم كل ذي ناب. قال: فاذكره أنت، قلت: كل ما كان يعدو منها على الناس بقوة ومكابرة في نفسه بنابه دون ما لا يعدو. قال: ومنها ما لا يعدو على الناس بمكابرة دون غيره منها؟ قلت: نعم. قال: فاذكر ما يعدو. قلت: يعدو الأسد والنمر والذئب. قال: فاذكر ما لا يعدو مكابرة على الناس. قلت: الضبع والثعلب وما أشبهه. قال! فلا معنى له غير ما وصفت؟ قلت وهذا المعنى الثاني. وإن كانت كلها مخلوف له ناب".
(١) أخرج مسلم (١٥٦٨): عن رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>