للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةِ إِلَّا أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّهُ نَاسِخ لِلآيَةِ عِنْدَ مَنْ رَأَى أَنَّ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ (١)).

ونحن لا نحتاج إلى النسخ؛ لأن الآية التي معنا إنما هي في سورة الأنعام، وهي مكية، والأحاديث التي معنا قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فجاءت متأخرة عنها، فالآية ذكرت عددًا قليلًا من المحرمات.

* قوله: (فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَالْآيَةِ حَمَلَ حَدِيثَ لُحُومِ السِّبَاعِ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَضَمَّنُ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي الْآيَةِ حَرَّمَ لُحُومَ السِّبَاعِ (٢). وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ مُحَرَّمَانِ فَاسْتِدْلَالًا بِعُمُومِ لَفْظِ السِّبَاعِ).


(١) يُنظر: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص: ٢٨٦)؛ حيث قال: "نقول في تحريمه لحوم الحمر الأهلية وكل ذي نابٍ من السباع، وذي مخلب من الطير، مع قول الله - عز وجل -: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}. أراد أنه لا يجد في وقت نزول هذه السورة أكثر من هذا في التحريم. ثم نزلت المائدة، ونزل فيها تحريم المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع إلا ما ذكيتم. فزادنا الله تعالى، فيما حرم بالكتاب، وزادنا في ذلك - على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحريم سباع الوحش والطير والحمر الأهلية".
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٥/ ٤٣٨)؛ حيث قال: "ولا يجوز أن ينسخ القرآن بالنسبة إلا بتاريخ متفق عليه، فوجب مع هذا الخلاف ألا نحرمها كالميتة، ونكرهها؛ لأنه لو ثبت تحريمها لوجب نقله من حيث يقطع العذر. وقد روي عن الرسول أنه أجاز أكل الضبع وهو ذو نابٍ. فبان بهذا أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد بتحريم كل ذي ناب من السباع الكراهية. وقال الكوفيون والشافعي: ليس في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} حجة لمن خالفنا؛ لأن سورة الأنعام مكية، وقد نزل بعد هذا قرآن فيه أشياء محرمات، ونزلت سورة المائدة بالمدينة وهي من آخر ما نزل، وفيها تحريم الخمر وتحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة. وحرم رسول الله من البيوع أشياء كثيرة. ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أكل ذي نابٍ من السباع كان بالمدينة، لأنه رواه عنه متأخرو أصحابه: أبو هريرة، وأبو ثعلبة، وابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>