للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الكلام الذي ذكره المؤلف لا حاجة له؛ فالله - سبحانه وتعالى - يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، ويقول أيضًا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]؛ وفي هذه الأحاديث الصحيحة مما آتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجواب، فنعمل به، فنقول: هذا مُخصصٌ لما في كتاب الله - عز وجل - فالآية أطلقت، والحديث جاء تخصيصًا أو تقييدًا لها.

* قوله: (وَمَنْ خَصَّصَ مِنْ ذَلِكَ الْعَادِيَةَ فَمَصيرًا لِمَا "رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الضَّبُعِ آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَصَيْدٌ هِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَأَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ" (١)).

وُجِّه هذا السؤال لجابر، وهو من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أيضًا ممن اشتهر برواية الحديث، وإن لم يكن أكثر الصحابة؛ فأكثر الصحابة إنما هو أبو هريرة، وإن كان إسلامه جاء متأخرًا، لكنه كان متفرغًا، كان من أهل الصُّفَّة، فهو دائمًا يتتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يكاد ينطق بكلمة إلا ويتلقفها - رضي الله عنه -.

وهذا الحديث أسنده جابر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما قيل له: "فَأَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ - صلى الله عليه وسلم -؟ " فقَالَ: نَعَمْ.


= عباس. وقد حرم رسول الله نكاح المرأة على عمتها وخالتها، ولم يقل أحد من العلماء أن قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} يعارض ذلك؛ بل جعلوا نهيه عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها زيادة بيان على ما في الكتاب. واختلفوا هل المراد بالنهى عن أكل كل ذي ناب من السباع جميعها أو بعضها، فقال الشافعي: "إنما أراد رسول الله بالنهي ما كان يعدو على الناس، ويفترس مثل الأسد، والذئب، والنمر، والكلب العادي وشبهه مما في طبعه في الأغلب أن يعدو، وما لم يكن يعدو فلم يدخل في النهي فلا بأس بأكله واحتج بحديث الضبع في إباحة أكلها، وأنها سبع".
(١) أخرجه الترمذي (٨٥١)، وقال: "حسن صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>