للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ فَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ).

لا شك أن الحديث إنما هو صالح للاحتجاج به، وهو حجة في هذا الموضوع، لكن ليس معنى هذا أنه ذهب إمامان جليلان كالإمام الشافعي وأحمد إلى جواز ذلك، وأنه جاء ذلك عن رسول الله؛ ربما نفسه عافته فتركه، كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الضب (١).

* قوله: (وَلِمَا ثَبَتَ مِنْ إِقْرَارِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أُكْلِ الضَّبِّ بَيْنَ يَدَيْهِ (٢)).

أدخل المؤلف الآن مسألة في مسألة؛ انتقل إلى الضب، والضب قصته أن ميمونة زوج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي خالة لخالد بن الوليد، ولعبد الله بن عباس، ولها أخت اسمها حفيدة، قدمت من نجد ومعها زوجها، فأهدت إلى أختها ضبًّا، فطبخته، فقدمته شواءً، فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمد يده ليأكل منه، وكان عادتهم أن يخبروهم ما الطعام الذي قُدِّم أمامهم إن كان فيه غرابة، فقالت إحدى النساء: لو ذكرتم ذلك لرسول الله!! فأبلغوه، فرفع - عليه الصلاة والسلام - يده عنه، فقال له خالد بن الوليد: "أحرام هو يا رسول الله؟ " قال: "لا؛ ولكنه ليس بأرض قومي، فأجدني أعافه" (٣)؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعرفه في قومه فرآه غريبًا عليه، فعافته نفسه، عافه مع أنه طيب، فما كان من خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلا أن اجتره ثم قطَّعه فأكله، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه مُقرًّا له على ذلك، فاجتمع فيه نوعان من سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: القول، والإقرار.


(١) يأتي تخريجه قريبًا.
(٢) أخرج مسلم (١٩٤٣) عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: "لَسْتُ بِآكِلِهِ، وَلَا مُحَرِّمِهِ".
(٣) هو الحديث الذي ذكره المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>