للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْسِيَّةِ (١)، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (٢) وَعَائِشَةَ (٣) أَنَّهُمَا كَانَا يُبِيحَانِهَا).

كان يجب على المؤلف - رحمه الله تعالى - أن يُقيِّد هذا الأمر ولا يُطلق هذا وينسبه إلى عبد الله بن عبَّاس وعائشة - رضي الله عنهما - من الصحابة؛ وسنده في ذلك هو ابن عبد البر، وابن عبد البر نبَّه على هذا، ونُقِل عنهما ما يُخالف ذلك.

إذن نُقِل عنهما ما يدل على جواز أكله، ونقل عنهما ما يدل على تحريم أكله؛ وقالوا: محرمة لأنها جلَّالة؛ يعني: تأكل العذرة.

وهناك حديث لم يذكره المؤلف؛ في قصة أحد الصحابة؛ أنَّه مرَّت بهم سنة من السنين - أي: سَنة أدركهم فيها الجوع - فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وأنَّه لا يوجد عندهم إلا حُمُرٌ سِمان، وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم؛ لكن العلماء أجابوا عن ذلك بأن هذه حالة ضرورة؛ وستأتي الأدلَّة الصحيحة في الصحيحين وغيرهما على تحريم أكل لحوم الحُمُر الأهلية.


(١) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٠/ ١٢٣)؛ حيث قال: "وَأَمَّا (لَحْمُ) الْخمُرِ الْإِنْسِيَّةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ فِي تَحْرِيمِهَا".
(٢) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٨٧٢٧): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَمَّنْ حَدَّثَه، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيةِ، فَقَالَ: "إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِيَ الْحَمُولَةُ"، ثُمَّ تَلَا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الْآيَةَ.
والذي صحَّ عن ابن عباس أنه توقف فيها فقال: "لا أدري أنهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل أنها كانت حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرَّم يوم خيبر لحم الحمر الأهلية" أخرجه البخاري (٤٢٢٧)، ومسلم (١٩٣٩).
(٣) لم أقف على سنده، وينظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٦/ ٨٠)؛ حيث قال: "فإن ذكروا أن عائشة أم المؤمنين احتجت بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] الآية؟ قلنا: لم يبلغها التحريم ولو بلغها لقالت به، كما فعلت في الغراب، وليس مذكورًا في هذه الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>