للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْخَبَائِثَ هِيَ مَا تَسْتَخْبِثُهُ النُّفُوسُ؛ قَالَ: هِيَ مُحَرَّمَةٌ).

وليس أيضًا كل ما تستخبثه، أو ما أطلق عليه أنه خبيث، فهو محرم؛ فالكراث والبصل ونحوهما مُنِعَ لوجود رائحةٍ تؤثر على المصلين كما في الحديث: "من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا - أو ليعتزل مسجدنا"؛ والمراد ما تستخبثه العرب، والعرب هم الذين يعيشون في الفدن، أي: الذين بُعِثَ فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما كانوا يرونه خبيثًا فهو أيضًا من الخبائث، وما لا فلا؛ أما الذين يسكنون في الصحاري فربما يتساهلون في هذه الأمور، هكذا ذكر الفقهاء.

قوله: (وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْرِيمِهِ الْحَيَوَانَ الْمَنْهِيَّ عَنْ قَتْلِهِ، كَالْخُطَّافِ (١) وَالنَّحْلِ (٢)، زعم، فَإِنِّي لَسْتُ أَدْرِي أَيْنَ وَقَعَتِ الآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّهَا فِي غَيْرِ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ عِنْدَنَا).

إذا أطلق (أبو حامد) فإنه يقصد به الإمام الغزالي عند الشافعية، وهو إمامٌ له كتبٌ كثيرة في الفقه والأصول وغيرها، ومع غزارة علمه هناك مأخذ يأخذها عليه العلماء في بعض كتبه المعروفة عند طلاب العلم.

وهذا القول الذي نُسِبَ إلى الإمام الشافعي هو أيضًا مذهب الإمام أحمد، ولهذا نرى تقاربًا كبيرًا بين المذهبين الشافعي والحنبلي فيما يتعلق بالأطعمة، ولا نرى إلا فرقًا صغيرًا بين المذهبين.

والخُطَّاف نوع من الطيور، وينص عليه أهل الاختصاص بأنه طويل


(١) أخرجه البخاري (٨٥٥)، ومسلم (٥٦٤).
(٢) لم ينقل الغزاليُّ رحمه الله ذلك، وإنَّما نصُّه في كتابه: "الوسيط في المذهب" (٧/ ١٦١): "وقد نهى عن قتل الهدهد والخطاف والنحل والصرد والنملة وقد نص - رضي الله عنه - على أن المحرم يفدي الهدهد بالجزاء ولا يفدي عنده إلا حلال".

<<  <  ج: ص:  >  >>