للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْبَحْرِيُّ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْلِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مُوَافِقًا بِالاسْمِ لِحَيَوَانٍ فِي الْبَرِّ مُحَرَّمٍ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ جَمِيع حَيَوَان الْبَحْرِ؛ إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ خِنْزِيرَ الْمَاءِ، وَقَالَ: أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ خِنْزِيرًا (١)).

بالنسبة للحيوان البحري هناك أدلةٌ أطلقها قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]، ولذلك فالراجح عندي هو مذهب الإمام مالك؛ لأنه يرى أن كل ما في البحر فهو حلال، وقد جاء في ذلك أثر؛ أن كل ما في البحر فقد ذكَّاه الله - سبحانه وتعالى.

ويختلف العلماء في بعض حيواناته؛ فالسمك لا يحتاج إلى ذكاة، لكن بعضها يحتاج إلى ذكاة، ونحن نرى أنه توجد حيوانات في البحر تُطابق مسمياتها مسميات حيوانات محرمة في البر؛ فهناك الخنزير البري المعروف وهو محرم، وهناك الخنزير البحري، وهناك الكلب المعروف في البر، وهناك الكلب البحري، وكذلك الإنسان المعروف، وهناك إنسان البحر؛ فهل يلحق هذا بذاك في التحريم بجامع التسمية، أو أنه لا أثر للتسمية في ذلك؟

الإمام مالك - - رحمه الله - تعالى - أطلق وقال: كل ما في البحر فإن الله سبحانه وتعالى أحله لنا، إلا أنه سأل عن الخنزير، ولكن سؤاله لا يدل على تحريمه؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]؛ فهذا نصٌّ صريح في القرآن الكريم يدل على إباحة كل ما في البحر، إذًا هناك خلافٌ بين الفقهاء عدا الإمام مالك في بعض الحيوانات التي لها أسماء موافقة في البر.


= الأنبياء، فأمر بقربة النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح؟ ".
(١) يُنظر: "المدونة" (١/ ٥٣٧)؛ حيث قال: "قال ابن القاسم: ولقد سألنا مالكًا عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه، ويقول أنتم تقولون خنزير، قال ابن القاسم: إني لأتقيه ولو أكله رجل لم أره حرامًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>