للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجلس، ولا يسأل، والله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: ٧].

وقصَّة الجريح الذي توضأ فمات، وإنكارُ الرسول على مَنْ أفتوه معروفٌ، "فَإنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ (١) السُّؤَالُ" (٢)، فالإنسان إذا أعيَاه أمرٌ، أو أشكل عليه أَو جهل الحكم فيه، فإنه ينبغي أن يسأل عنه، ويتبين ذلك، والله تعالى قَدْ بَيَّن أن من وظائف رسوله إلى جانب التبليغ إنما هو أن يبين {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وهذا هو شأن العلماء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالعلماء هُمْ ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يُورِّثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما وَرَّثوا العلم (٣)، {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧]

قوله: (وَالحَدِيثُ [الثاني]، (٤): حَدِيثُ عُثْمَانَ أَنَّهُ سُئِلَ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إِذَا جَامَعَ أَهْلَهُ وَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كلمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ).

السَّائل -كما سبق- هو الصحابي زيد بن خالد الجُهَني، ذهب إلى عثمان فسأله، فأجابه، ثم سأل كثيرًا من الصحابة، فوافقوا عثمان على ما ذهب إليه.

قوله: (سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ العُلَمَاءُ فِي هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ مَذْهَبَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مَذْهَبُ النَّسْخِ).

هَذَا صحيحٌ، فالعُلَماء ذهَبوا مذهبين لا ثَالثَ لهما؛ لأنهما قَوْلان:


(١) "العي": الجهل. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٣٣٤).
(٢) أخرجه بهذا اللفظ أبو داود (٣٣٦)، عن جابرٍ، وحسن إسناده الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٣٦٥) "الأم".
(٣) جزء من حديث أخرجه أبو داود (٣٦٤١)، وحسنه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٢١٢).
(٤) كذا في نسخة صبيح (١/ ٣٧)، والمعرفة (١/ ٤٧)، أما في نسخة العبادي (١/ ١٠٦) فقال: "الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>