للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعية الصحيحة أن كل مسكر حرام، لا فرق بين قليله الذي لا يُسكر وبين كثيره، ما دام أن الإنسان لو زاد فيه أسكره؛ فإن القليل منه حرامٌ أيضًا.

قوله: (فَأَمَّا الَّتِي مِنْ جِهَةِ الاشْتِقَاقِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْخَمْرَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ خَمْرًا لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ).

يقول أهل اللغة (١): اشتق اسم الخمر من مخامرة العقل - أي: تَغْطِيَتِه - فكل ما غطى العقل يسمى خمرًا.

قوله: (فَوَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ يَنْطَلِقَ اسْمُ الْخَمْرِ لُغَةً عَلَى كُلِّ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ؛ وَهَذ الطَّرِيقَةُ مِنْ إِثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الأصُولِيِّينَ، وَهِيَ غَيْرُ مَرْضِيَّةٍ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ).

يريد المؤلف أن إثبات الاسم بالاشتقاق عن طريق الإلحاق؛ ليس محل اتفاق عند الأصوليين، لكن الواقع أن اللغة تُقرر ذلك.

قوله: (وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ لنَا أَنَّ الْأَنْبِذَةَ تُسَمَّى فِي اللُّغَةِ خَمْرًا؛ فَإِنَّهَا تُسَمَّى خَمْرًا شَرْعًا؛ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ).

مراده أنه على تقدير أن الأنبذة لا تُسمى خمرًا في اللغة؛ فإن الأدلة الشرعية قد أثبتت هذا الحكم وأقرَّته، فينبغي أن نقف عند الشريعة، حتى وإن حصل خلاف بين اللغة وبين الشرع؛ فإننا نقف عند أدلة الشريعة؛ فهي صحيحة وصريحة في هذا المقام.


(١) يُنظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (١/ ٥٩١)؛ حيث قال: "وَالْخمر: مَعْرُوفَة وَيُقَال: سميت خمرًا لِأَنَّهَا تخامر الْعقل زَعَمُوا، أَي: تخالطه وتداخله من قَوْلهم: خامره الْحزن مخامرة والمخامرة: المقاربة".

<<  <  ج: ص:  >  >>