للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْهَا أَيْضًا مَا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: "كلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ" (١)).

فأي نوع من أنواع المسكوات يسمى خمرًا، وكل خمرٍ حرام؛ إذًا هذا دليل قاطع لا توقُّف فيه.

قوله: (فَهَذَانَ حَدِيثَان صَحِيحَان، أَمَّا الْأَوَّلُ فَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَانْفَرَدَ بِتَصْحِيحِهِ مُسْلِمٌ).

ومثله حديث أبي موسى الأشعري، عندما جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "يا رسول الله" أفتِنا في شرابين نصنعهما باليمن: البتع، والمذر"؛ والبتع هو نبيذ العسل، يُنبَذ حتى يشتد، والمذر هو نبيذ الذرة والشعير؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكرٍ حرام" (٢).

قوله: (وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ") (٣).

وهذا أيضًا يردُّ رأي الذين يقولون بأننا نقف عند المسكر، ما أسكر كثيره فقليله حرام.

قوله: (وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضعِ الْخِلَافِ، وَأَمَّا الاسْتِدْلَالُ الثَّانِي مِنْ أَنَّ الْأَنْبِذَةَ كُلَّهَا تُسَمَّى خَمْرًا؛ فَلَهُمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَتَان؛ إِحْدَاهُمَا: مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ بِطَرِيقِ الاشْتِقَاقِ، وَالثَّانِيةُ: مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ).

فقوله: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" يرفع الإشكال، لأنه تبيَّن بالأدلة


(١) أخرجه مسلم (٢٠٠٣).
(٢) سبق تخريجه قريبًا.
(٣) أخرجه الترمذي (١٨٦٥)، وأبو داود (٣٦٨١)، والنسائي (٥٦٠٧)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>