للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو الذي يشير إليه المؤلف، ولا دليل فيه على استثناء نوعٍ من الأنبذة.

وعندما يقول المؤلف: العراقيون؛ يقصد علماء العراق في ذلك الوقت؛ أما الأئمة مالكٌ والشافعي وأحمد - بل جماهير العلماء عامة - فهم لا يُفرِّقون بين نبيذٍ وبين غيره، كل ما أسكر كثيره فقليله حرام.

قوله: (فَلِلْحِجَازِيِّينَ فِي تَثْبِيتِ مَذْهَبِهِمْ طَرِيقَتَانِ: الطَّرِيقَةُ الأولَى: الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: تَسْمِيَةُ الْأَنْبِذَةِ بِأَجْمَعِهَا خَمْرًا).

يتتبعون الآثار، ويحتجون أيضًا بتسمية جميع الأنبذة باسم الخمر.

قوله: (فَمِنْ أَشْهَرِ الْآثَارِ الَّتِي تَمَسَّكَ بِهَا أَهْلُ الْحِجَازِ: مَا رَوَاهُ مَالِكٌ (١) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ (٢)، وَعَنْ نَبِيذِ الْعَسَلِ، فَقَالَ: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ" خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ (٣)، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: "هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ" (٤)).

مهما اختلفت مسميات الخمور فهي حرام؛ لأن العلة أنها تُسكر.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٤٥).
(٢) البِتَعُ: نبيذٌ من عسل كأنه الخمر صلابةً. انظر: "المنتخب من كلام العرب" (ص: ٣٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٢)، ومسلم (٢٠٠١).
(٤) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٧/ ١٢٤)؛ حيث قال: "وقد سئل يحيى بن معين عن أصح حديث روي في تحريم المسكر فقال: حديث ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن البتع فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام"، قال: وأنا أقف عنده".

<<  <  ج: ص:  >  >>