الفقه في اللغة هو الفهم، وقد بيَّن ابن القيم رَحِمهُ الله أنه فهمٌ زائد، فكل الناس يفهمون مثلًا أن الواحد نصف الاثنين، وأن الاثنين نصف الأربعة، لكنْ هناك فهمٌ زائدٌ، وقد جاء في الحديث:"مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"(١) هذا حديثٌ متفق عليه، وأورده البخاري في عدة مواضع، ويقال: فَقُهَ وفَقِهَ وفَقَهَ؛ ولكل واحدٍ منها معنى من المعاني فسَّره العلماء.
فالفقيه هو الذي يغوص في المعاني، ويقف عند لُبِّها وجوهرها، ويستطيع أن يوازن بين الأدلة، فيبين دلالة هذا ودلالة ذاك، وهو الذي يستطيع أن يستخرج علة الحكم، وأن يخرج الحكم من الدليل، وأن يُلحق به غيره، وليس هذا لكل إنسان، ولذلك الاجتهاد معروف، وقد تكلم عنه الإمام الشافعي رَحِمهُ الله في كتابه "الرسالة"، وبيَّن شروطه، ليس شرطًا أن تحفظ جميع آيات الكتاب، وأن تحفظ السنة، وأن تعرف جميع أقيسة العرب؛ لكن ينبغي أن تعرف الأمور التي يحتاج إليها المجتهد والفقيه؛ أن يعرف الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، ويعرف معاني لغة العرب، ويعرف الأحكام .. إلى غير ذلك مما تكلم عنه العلماء.
والحمد لله أن الأمر ليس بالتوقع؛ إنما هي أدلةٌ جاءت عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا نحتاج هنا إلى إعمال ذوق ولا فكرٍ ولا عقلٍ