للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال بعد ذلك: "كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي، فكلوا، وتصدقوا وادخروا" (١)، ونهى أيضًا - عليه الصلاة والسلام - عن الانتباذ، تم قال: "انتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مُسكرًا" (٢)؛ وأصل النهي عن الانتباذ إنما كان في سائر الأوعية، إلا في الأوعية التي من الجلد؛ لأنها تساعد في الإسراع إلى السُّكر، كما نهى عن الشرب في الإناء المُزفَّت (٣)، وبعض العلماء قالوا: لو لم يكن مطليًّا بالزفت؛ فهذا لا يضر، ثم جاء بعد ذلك إباحة ذلك بأحاديث أخرى، واعتبر العلماء ذلك منسوخًا.

وجاء في حديث مالك أيضًا: "ونهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها" (٤)، وجاء في أحاديث أخرى: "فإنها تُذكِّر - أو تُذكِّركم - الآخرة" (٥)، لا شك أن الإنسان إذا ذهب إلى المقابر وزار أهلها ودعا لأهلها؛ فإنه يتذكر الموت، وإذا تذكر الموت؛ قلَّت الدنيا في عينه، وأصبح يفكر في الآخرة أكثر.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا من ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا: فِي الْأَوَانِي الَّتِي يُنْتَبَذُ فِيهَا، وَالثَّانِيَةُ: فِي انْتِبَاذِ شَيْئَيْنِ؛ مِثْل الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ).

جاء النهي عن الانتباذ في أوعية أربعة، في روايات متعددة، بعضها اقتصرت على الدباء والحنتم، وبعضها أضافت النقير، وبعضها جاءت في الأربعة؛ أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - نهى عن الانتباذ في الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفَّت (٦).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سيأتي قريبًا تخريجه.
(٣) سيأتي قريبًا.
(٤) أخرجه الحاكم (١٣٨٥).
(٥) أخرجه ابن ماجه (١٥٦٩)، وقال الأرناؤوط: صحيح لغيره.
(٦) أخرجه البخاري (٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>