للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هل هناك مدة محددة بالنسبة لهذا النبيذ؟ بعض العلماء يقولون: إذا وصل إلى ثلاثة أيام، لا يجوز شربه، بمعنى أن الإنسان يشربه في اليوم الأول والثاني والثالث؛ كما جاء في حديث عبد اللّه بن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُنبذ له الزبيب، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد، فإذا كان مساء الثالثة؛ أمر به للخدم أو أُريق (١).

ولكن نجد في بعض الأحاديث ما يدل على الشرب بعد ذلك، ومن العلماء من يذكر أن العلة في ذلك هو أنه إذا مضت عليه ثلاثة أيام؛ يكون مظنة الإسكار، وبعضهم يقول: المقصود بذلك نوع من الأنبذة يُسرع إليه الإسكار، فهذا هو الممنوع؛ وقد وردت في ذلك عدة أحاديث.

وأما الذين قالوا بأن الانتباذ جائز وإن تجاوز ثلاثة أيام، فهم يستدلون بالحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره - وهو حديث صحيح - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اشربوا في كل وعاء، ولا تشربوا مُسكرًا" (٢)؛ فالرسول - عليه الصلاة والسلام - - أطلق، ولم يفرِّق بين أن يطول الزمن أو يقصر، وإنما قال: "ولا تشربوا مسكرًا".

قوله: (لِقَوْلِهِ - عليه الصلاة والسلام -: "فَانْتَبِذُوا، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (٣)، وَلمَا ثَبَتَ عَنْهُ - عليه الصلاة والسلام - "أَنَّهُ كَانَ يَنْتَبِذُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُرِيقُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أو الثَّالِثِ" (٤)).

هذا الجزء من الحديث الذي أشار إليه المؤلف؛ ذكره الإمام مالك في "الموطإ" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاث،


(١) أخرجه مسلم (٢٠٠٤).
(٢) سيأتي تخريجه.
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٨٥).
(٤) أخرج مسلم (١٩٩٩): عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: "كَانَ يُنْتَبَذُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سِقَاءٍ، فَإِذَا لَمْ يَجِدُوا سِقَاءً نُبِذَ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ"، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: وَأَنَا أَسْمَعُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ: مِنْ بِرَامٍ؟ قَالَ: "مِنْ بِرَامٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>