وذلك لِمَا ورد من آيات متعددة في كتاب الله عز وجل وقد ذكرناها فيما مضى، وكلها تدل على أنه يجوز للمسلم أن يأكل من الميتة، وأن يدفع غصته بما هو محرم، مما لا يجوز له في حالة الاختيار.
أدخل المؤلف هنا ما يتعلق بالبُرءِ؛ يعني ما يتعلق بصحة الإنسان وبُرئه من الأذى، والشريعة حرصت على إبعاد الأذى عن كل مسلم، حتى وإن كان في إبعاد الأذى عنه ما قد يخالف بعض الأحكام، فيكون ذلك إما تخصيصًا من بعضها، أو تقييدًا بعد إطلاقٍ أو غير ذلك؛ وقد مرَّ بنا مسائل كثيرة جدًّا رأينا أنها استُثنيت من عموم النصوص، لضرورةٍ أو حاجة، والحاجة كما هو معلوم تنزل منزلة الضرورة، عامةً كانت أو خاصة.
بحث المؤلف هنا هذه المسألة من جانبين، بحث حالة الاضطرار، كما بحثها من جانب آخر، وهو الجانب العلاجي أو الدوائي، فهذا له علاقةٌ وثيقةٌ بالأطعمة، فالمؤلف من هذه الناحية عرَّج على هذا الموضوع، وهذا له قصة، وهي أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنه - اشتكى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجد من الحكة - وكذلك الزبير بن العوام -
(١) أخرج البخاري (٢٩١٩)، ومسلم (٢٠٧٦): عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزبَيْرِ فِي قَمِيصٍ مِنْ حَرِيرٍ، مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا".