للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَاتَّفَقَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ (١) عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ إِذَا كانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣]؛ وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلى جَوَازِ ذَلِكَ).

وقد مر بنا ذلك وفصلنا فيما سبق، حتى إن جمهور الأئمة الثلاثة: مالكًا والشافعي وأحمد، يرون أن المسافر سفر معصية؛ لا يجوز له أن يقصر الصلاة، وخالفهم أبو حنيفة هنا، وإن اختلفت الأقوال هنا؛ فالعلماء بيَّنوا أن العلة في ذلك هي أن المسافر في حالة وحشة، في حالة خوف، لا يجد أمامه ما يدفع به رمقه ليتقي الموت، فإذا نزلت به هذه النازلة فله أن يأكل، والمسافر سفر معصية؛ قد خرج عن طاعة الله سبحانه وتعالى - فقالوا: إنَّ قصر الصلاة مما يسارع به إلى الوصول إلى جريمته، فينبغي أن يُعامَل بنقيض قصده، فلا يُرخَّص له في الصلاة، والمسلم ينبغي أن تردعه صلاته؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} [العنكبوت: ٤٥].

قال المصنف رحمه الله تعالى:


(١) يُنظر: "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: ١٤٦)؛ حيث قال: "العاصي بسفره لا يترخص برخص المسافر، وبه قال الشّافعيّ، وزاد علينا: أنّه إن اضطر لم يأكل الميِّتة. ولا أعرف فيه نصًا عن مالك. وأصحابه يقولون: إنّه يأكل الميِّتة".

<<  <  ج: ص:  >  >>