للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث: أنه أثم في هذا العمل.

فترتبت على ذلك مساوئ كثيرة، أما إذا كانت عنده شهوة ورغبة في الزواج ولا يخشى على نفسه، فنرجع إلى الأصل أنه مندوب وسنة مؤكدة؛ كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أما إذا كان الإنسان لا يجد في نفسه قوة للنساء كأن يكون عِنِّينًا (١) أو كبيرًا قد ضعف، ففي هذه الحالة يصبح مباحًا في حقه شريطة ألا يهدر حق المرأة، يأتي الإنسان يريد أن يتزوج من الأسرة الفلانية ليؤذي هذه المرأة هذا أمر محرم لا يجوز له؛ لأنه لم يقصد الزواج، وإنما قصد إيقاع الضرر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا ضرر ولا ضرار" (٢).

أما ما يتعلق بحكم الطلاق: أن الإنسان ربما يتزوج امرأة وفي نيته طلاقها، هذه مسألة اختلف فيها العلماء.

فجمهور العلماء يقولون: إن قصد أن يتزوج امرأة وفي نيته أن يطلقها ولم يصرح بذلك فله ذلك، لكن أن يشترط ذلك فلا يجوز، والإنسان ربما يأخذ المرأة وهو ينوي طلاقها فيلقي الله سبحانه وتعالى محبتها في قلبه، ويقذف المودة فيما بينهما، فتحصل الألفة والمودة وتتغير الحال، فبدل أن كان ينوي طلاقها يتمسك بها، وهذه أمور إنما هي بإرادة الله وقدره، فهو سبحانه وتعالى يقضي هذه الأمور.

قوله: (وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مُبَاحٌ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَخَافَ عَلَى تَفْسِهِ مِنَ الْعَنَتَ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ تُحْمَلُ صِيغَةُ الْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، وَفِي قَوْلِهِ - عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "تَنَاكَحُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ" (٣). وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ


(١) رجلٌ عنِّينٌ: لا يريد النساء. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٦/ ٢١٦٦).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٣٤١) عن ابن عباس وصححه الألباني في الإرواء (٨٩٦).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٦١٣) عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدًا، ويقول: "تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة". وحسنه الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>