للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجاوزت المليارات، يموت أقوام، ويحيا أقوام، يولد أقوام، ويشب أقوام، ويكبر أقوام، ويهرم أقوام، كلنا من آدم؛ ولهذا قال تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء:١].

ولا ينبغي أن تنشغل بهذا الزواج عن والديك، وعن إخوانك، وعن أقاربك وعن أصدقائك، وعن جيرانك، في كل أحوال المؤمن فالله سبحانه وتعالى يراقب أعمالنا لا تخفى عليه خافية: كما قال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)} [الأنعام: ٥٩].

ثم جاءت الآية الخاتمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} أيضًا وصية بالتقوى {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} صوابًا، وإذا اتقيت الله سبحانه وتعالى وصدقت في قولك وعملك {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} [الأحزاب: ٧٠، ٧١]، لا شك أن السعادة كل السعادة، والفوز كل الفوز والنجاة إنما هي في طاعة الله وفي طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهذه خطبة جليلة تشتمل على فوائد عظيمة، فيها تذكير بأمور عظيمة بحمد الله، بطاعة الله، بتقوى الله، بالاستقامة على ذلك، بالاستمرار على طاعة الله تعالى والدوام عليها حتى يلقى الإنسان ربه وهو يداوم على هذا الشكر في جميع الأمور.

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ: هِيَ وَاجِبَةٌ (١)، وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ يُحْمَلُ فِعْلُهُ فِي ذَلِكَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْوُجُوبِ؟ أَوْ عَلَى النَّدْبِ؟) (٢).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٨٢)؛ حيث قال: "والخطبة غير واجبة عند أحد من أهل العلم علمناه، إلا داود، فإنه أوجبها". وانظر: "المجموع" للنووي (١٦/ ٢٠٧).
(٢) يُنظر: "الفصول في الأصول" للجصاص (٣/ ٢١٥)؛ حيث قال: "أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - الواقعة على قصد منه يقتسمها وجوه ثلاثة: واجب، وندب، ومباح، إلا ما قامت =

<<  <  ج: ص:  >  >>