للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُماتها" (١)؛ يعني: سكوتها؛ لأن الثيب كما ذكرنا تزوجت وعرفت الرجال ما في الزواج من حلاوة ومرارة، فأدركت ما فيه؛ ولذلك ينبغي أن تحدد رأيها في هذا الموقف، أما هذه البكر الصغيرة فهي حيية، كيف يقال: فلان يريدك، إنسان غريب عنها فتجد في ذلك مشقة، لكن ربما هذا في هذا الزمن أصبح سهلًا، هذا كان صعبًا فيما مضى، أما الآن فربما في الغالب إذا سُئلت البكر تُعبِّر عن رأيها، وهذا هو الأولى شرعًا.

قوله: (لِقَوْلِهِ - عليه الصلاة والسلام -: "وَالثَّيِّبُ (٢) تُعْرِبُ (٣) عَنْ نَفْسِهَا" (٤). إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ (٥). وَاخْتَلَفُوا فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَفي الثَّيِّبِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ).

"تُعرب عن نفسها يعني: تُصرِّح عما في نفسها وتُظهر ما عندها.

والعلماء قد اتفقوا على أنه لا يجوز للولي أن يجبر الثيب على الزواج، وقد حصلت قضية في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن زوجة أُنيس بن قتادة لما قُتل في أحد، فوالدها زوَّجها من رجل من بني عمرو بن عوف، فذهبت تشكو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتخبره بأن والدها زوَّجها من زوج لا ترغب فيه، فأبطل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك النكاح فتزوجت بعد ذلك أبا لبابة" (٦)،


(١) أخرجه البخاري (٦٩٧١).
(٢) الثيب: التي قد تزوجت وبانت بأي وجه كان بعد أن مسها. انظر: "العين" (٨/ ٢٤٩).
(٣) تعرب عن نفسها: أي: تفصح. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ١٧٩).
(٤) أخرجه ابن ماجه (١٨٧٢) عن عدي بن عدي الكندي، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها". وصححه الألباني في "الإرواء" (١٨٣٦).
(٥) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٨/ ٢٨١)؛ حيث قال: "وقد روينا عن الحسن أنه قال: نكاح الأب جائز على ابنته، بكرًا كانت أم ثيبًا، كرهت أو لم تكره".
(٦) أخرجه الدارقطني (٤/ ٣٣٤) عن أبي هريرة: "أن خنساء بنت خذام أنكحها أبوها وهي كارهة، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له؛ فرد نكاحها. فتزوجها أبو لبابة بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>