للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرفع الله به أقوامًا ويضع به آخرين (١)، وإما أن يرفعه الله بالمال وبمكانته في المجتمع، فالإنسان في الغالب لا يبقى على حال معينة، تجد أن الإنسان صحيحًا قويًّا ثم تتغير الأحوال فتجده ضعيفًا في بدنه، وربما ترى إنسانًا ضعيفًا في بدنه فتتغير الأحوال فتراه من المُعمَّرين، ترى إنسان غنيًّا ثم بعد ذلك تمر عليه السنون ويختلف فيتحول فقيرًا، ويصبح هذا الفقير يحتاج إليه ذلك الذي كان فقيرًا فاغتنى، والله تعالى يقول: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠].

فكثرة المال ليست هي المقياس الدقيق في هذا الأمر؛ فالإنسان يبحث لابنته عن إنسانٍ يسترها في الخير والصلاح، ولا مانع أنك تجد إنسانًا جمع بين الصلاح والمال، وهذا شيء طيب، ولكن لا يجوز أن أقف في وجه هذه البنت وأضع شروطًا فيها تعجيز، هذا لا ينبغي، وقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة" (٢).

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ دَلِيلِ الْخِطَابِ (٣) فِي هَذَا لِلْعُمُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْهُ - عليه الصلاة والسلام - من قوله: "لَا تُنْكَحُ الْيَتِيمَةُ إِلَّا بِإِذْنِهَا" (٤)، ...........................


(١) معنى حديث أخرجه مسلم (٨١٧) عن عمر: قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين".
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥١١٩)، وضعف إسناده الأرناؤوط.
(٣) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٦٩)؛ حيث قال: "مفهوم المخالفة فهو ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفًا لمدلوله في محل النطق، ويسمى دليل الخطاب".
(٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (٦١٣٦) عن عبد الله بن عمر قال: توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص قال: وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي، قال: فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة - يعني: إلى أمها - فأرغبها في المال فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبيا حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال قدامة بن مظعون: يا رسول الله، ابنة أخي أوصى =

<<  <  ج: ص:  >  >>