للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعي مع مالك، وأحمد له روايتان في مذهب الحنابلة، البكر المعنسة (١)؛ يعني: التي تجاوزت السن المعتاد الذي يتزوج عنده النساء، دخلت في العنوسة، وأصبحت كبيرة، فعادةً النساء مثلًا أن يتزوجن في سن العشرين وإلى الخمس وعشرين، وهذه وصلت الثلاثين فيعتبر دخلت في سن العنوسة.

وقضية العنوسة: إن كان سببها ولي الأمر فهذا لا يجوز له، فمثلًا الأب أو الأخ يترك هذه البنت يُقبل عليها الأزواج فيصرفهم ثم بعد ذلك يبدأ الانصراف عنها إما أن تكون مثلًا موظفة، مُدرِّسة ليستفيد من راتبها وليستفيد من خدمتها، هذه أمور ينبغي أن نتقي الله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان مأمور بأن يتقي الله في نفسه وفيما من هم تحت ولايته، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" (٢).

فلا يجوز لولي الأمر أن يقف حجر عثرة أمام هذه البنت لمصالح تعود عليه ويقف متشددًا ويقول: لا بد أن يأتيني من الأسرة الفلانية، أنا رجل غني لا بد أن يأتيني كذا، أو أنا من قبيلة كذا لا بد أن يأتيني كذا، أو يضع أوصافًا مُعجزة، لا بد أن يكون حاصلًا على شهادة كذا وعنده كذا وفي وظيفة كذا، هذه أمور لا يُنظر إليها كثيرًا، فابحث عن صاحب الدين، هذا الذي تتكلم عنه وتضع المواصفات له ربما أنك تجده، لكن بعد وقت من الزمن ربما تتغير الأحوال، فكم من أناس كنا نراهم في أسفل الأقوام فيرفعهم الله سبحانه وتعالى بالعلم فتتغير الأحوال، لأن هذا العلم


(١) العَانِسُ: يقال: عنست الجارية تعنس بالضم عنوسًا. وهي: التي طال مكثها في منزل أهلها بعد إدراكها حتى خرجت من عداد الأبكار، التي تُعجِّز في بَيْت أبويها ولا تتزوَّج. انظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ٩٥٣)، "الغريب المصنف" (٢/ ٤٠٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٠٠) واللفظ له، ومسلم (١٨٢٩) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

<<  <  ج: ص:  >  >>