للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع الاتفاق بين الإمامين: أبي حنيفة ومالك؛ يعني: هناك تقارب بين المذهبين: الحنفي والمالكي، وهناك تقارب بين المذهبين: الشافعي والحنبلي (١)، وهذا الذي نسميه اختلافٌ يؤدي إلى وفاق قُصِدَ به الوصول إلى الحق.

قوله: (وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: إِنَّ فِي الْمَذْهَبِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قولٌ: إن الأب يجبرها ما لم تبلغ بعد الطلاق، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (٢)، وَقَوْلٌ: إِنَّهُ يُجْبِرُهَا وَإِنْ بَلَغَتْ، وَهُوَ قَوْلُ سُحْنُونٍ (٣)).

هذه كلها تفصيلات في مذهب مالك، وهي تفصيلات في المذاهب الأخرى أيضًا، والمؤلف في ذلك خالف منهجه، فهو هنا يقول: بأنه اقتصر على أصول المسائل ولم يُعوِّل على الفروع، وذكر في كتاب القذف: "وإن أنسأ الله في عمري فسأضع فروعًا في مذهب مالك"، هنا خالف فبدأ يتتبع بعض الفروع أو الخلافات المذهبية.

قوله: (وَقَوْلٌ: إِنَّهُ لَا يُجْبِرُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ، وَهُوَ قَوْلُ أبي تَمَّامٍ (٤)، وَالَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ أَهْلُ مَسَائِلِ الْخِلَافِ


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٤٣)؛ حيث قال: " (و) للأب أيضًا تزويج (ثيب لها دون تسع سنين)؛ لأنه لا إذن لها (بغير إذنهم)؛ أي: البنين الصغار والمجانين والبنت البكر والثيب التي لها دون تسع سنين".
(٢) سيأتي.
(٣) انظر الذي بعده.
(٤) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (١/ ٤٧٧)، حيث قال: "إلا أن تكون تأيمت من زوج بنكاح فاسد أو صحيح قبل البلوغ وبعد الدخول فاختلف فيها على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الأب يجبرها على النكاح ما لم تبلغ. والثاني: أنه يجبرها عليه وإن بلغت. والثالث: أنه لا يجبرها وإن لم تبلغ. حكى هذا القول النخعي عن أبي تمام، فإن كانت يتيمة ذات وصي فلا يزوجها الوصي قبل البلوغ، ويزوجها بعد البلوغ، ويكون إذنها صماتها على قول من رأى أن الأب يجبرها على النكاح، وهو قول سحنون".

<<  <  ج: ص:  >  >>