للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا اشتِرَاطُ إِذْنِ الْوَلِيِّ لِمَنْ لَهَا وَلِيٌّ).

إذا كان الحديث قد اختلف في صحته فحينئذٍ يختلف في العمل به، وهذا الحديث جاء عن طريق ابن عباس (١)، وعائشة (٢)، وعمران بن الحصين (٣)، وفيه أيضًا عدة روايات عن عبد الله بن عباس (٤)، فهذا الحديث جاء بألفاظ متعددة، وهي بمجموعها صالحة للاستدلال بها، بل إن حديث الزهري: "لا نكاح إلا بولي وشاهدى عدل" وهو حديث صحيح (٥)، لكن هذا الحديث لم يتحدث عن الإذن، وإنما الذي تحدث عن الإذن هو حديث: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل". ولذلك أضاف بعض العلماء: العدالة؛ أي: أن الفاسق ليس له أن يعقد النكاح، وهي مسألة مختلف فيها، والفسق أيضًا أنواع: فهناك من الفسق ما لا يمنع عقد النكاح، ومن الفسق ما يمنعه إذا كان فسقًا في العقيدة كما مثل العلماء لذلك.

قوله: (أَعْنِي: الْمَوْلَى عَلَيْهَا. وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةُ لَا تَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهَا؛ أَعْنِي: أَلَّا تَكُون هِيَ الَّتِي تَلِي الْعَقْدَ، بَلِ الْأَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَذِنَ الْوَلِيَّ لَهَا جَازَ أَنْ تَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهَا دُونَ أَنْ تَشْتَرِطَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ إِشْهَادَ الْوَلِيِّ مَعَهَا) (٦).


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (١٠/ ٥٥) عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل".
(٤) منها: ما أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢٦٠) عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي، والسلطان مولى من لا مولى له". وتقدمت رواية ابن ماجه عنه.
(٥) تقدَّم.
(٦) لأن الحديث فيه: "بغير إذن وليها … " فمفهومه عنده: إن أذن فلا بأس بأن تعقد لنفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>