للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث صريح في الدلالة على مذهب جمهور العلماء، و "أي" تدل على العموم (١)، فهي تدل على عموم النساء جميعًا، وأن المرأة ليس لها أن تعقد لنفسها إلا إذا تعطل ذلك كله، فتستند ذلك إلى أحد المسلمين كما قال العلماء لكنها ترجع قبل ذلك إلى السلطان.

قوله: (وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الْفَرِيقُ الْآخَرُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤]- فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنِ التَّثْرِيبِ (٢) عَلَيْهِنَّ فِيمَا اسْتَبْدَدْنَ (٣) بِفِعْلِهِ دُونَ أَوْلِيَائِهِنَّ، وَلَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَبِدَّ بِهِ الْمَرْأَةُ دُونَ الْوَلِيِّ إِلَّا عَقْدَ النِّكَاحِ) (٤).

المرأة لها أن تتصرف في أمور كثيرة، وليست مقصورة حقيقة على عقد النكاح؛ لأن عقد النكاح أصلًا ليس من اختصاصها، ولا من شأنها فإن الشريعة فوَّضته إلى الرجال الأولياء على حسب ترتيبهم الأب، ثم بعد ذلك الابن أو الجد على خلاف بين العلماء، وهكذا الإخوة الأشقاء، وهناك من يسوي بينهم.


(١) يُنظر: "إرشاد الفحول" (١/ ٢٩٨)؛ حيث قال: "لفظ (أي) فإنها من جملة صيغ العموم، إذا كانت شريطة أو استفهامية، كقوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، وقوله تعالى:" {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} ".
(٢) الثثريب: "كالتأنيب والتعيير والاستقصاء في اللوم". انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ٢٣٥).
(٣) استبد بالأمر يستبد به استبدادًا: إذا انفرد به دون غيره. واستبد برأيه: انفرد به. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٨١).
(٤) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٣/ ٩١)؛ حيث قال: "وجه قول أبي حنيفة قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، وقال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وفي آية أخرى: {مِنْ مَعْرُوفٍ} أضاف النكاح والفعل إليهن، وذلك يدل على صحة عبارتهن ونفاذها؛ لأنه أضافه إليهن على سبيل الاستفلال؛ إذ لم يذكر معها غيرها. وهي إذا زوجت نفسها من كفء بمهر المثل فقد فعلت في نفسها بالمعروف، فلا جناح على الأولياء في ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>