للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ لَهَا أَنْ تَعْقِدَ النِّكَاحَ، وَللْأَوْليَاءِ الْفَسْخُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الشَّرْعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ (١)، وَأَنْ يُحْتَجَّ بِبَعْضِ ظَاهِرِ الْآيَةِ عَلَى رَأْيِهِمْ (٢)، وَلَا يُحْتَجَّ بِبَعْضِهَا (٣) - فِيهِ ضَعْفٌ، وَأَمَّا إِضَافَةُ النِّكَاحِ إِلَيْهِنَّ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِنَّ بِالْعَقْدِ، لَكِنَّ الْأَصْلَ هُوَ الاخْتِصَاص، إِلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ).

المؤلف عاد وقال: إن إضافة النكاح ليس فيه دلالة قطعية على أنهن يتولَّين عقد النكاح إلا أن يأتي دليل آخر، بل الدليل أثبت أنها لا تعقد لنفسها.

قوله: (وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ لَعَمْرِي ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْتَأْذَن، وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا الْوَلِيُّ فَبِمَاذَا - لَيْتَ شِعْرِي - تَكُونُ الْأَيِّمُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا؟ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ (٤) هُوَ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا هَذَا الْحَدِيثَ أَحْرَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا لَه، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فِي السُّكُوتِ وَالنُّطْقِ فَقَطْ، وَيَكُونَ السُّكُوتُ كَافِيًا فِي الْعَقْدِ) (٥).

الكل يستأذن لكن الثيب لا بد أن تقول: نعم، أو لا؛ لأنها قد


(١) يقصد أن ظاهرها إن عقدت لنفسها بالمعروف فلا تثريب عليها، ولا يقول بذلك أحد.
(٢) أي: أن أنها تعقد النكاح.
(٣) أي: إذا لم يكن بالمعروف، كما نصت الآية.
(٤) حديث عائشة المتقدم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها … ".
(٥) يُنظر: "شرح النووي علي مسلم" (٩/ ٢٠٤)؛ حيث قال: "وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في البكر: "ولا تنكح البكر حتى تستأمر … " والصحيح الذي عليه الجمهور أن السكوت كاف في جميع الأولياء؛ لعموم الحديث لوجود الحياء، وأما الثيب فلا بد فيها من النطق بلا خلاف سواء كان الولي أبًا أو غيره؛ لأنه زال كمال حيائها بممارسة الرجال".

<<  <  ج: ص:  >  >>