للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جربت النكاح، وذاقت حلوه ومره، أما البكر فالمعروف فيها أنها تستحي، ويصعب عليها أن تنطق، وإن كان في زماننا هذا قد تغيرت الأمور فهي تعبر عما في نفسها.

قوله: (وَالاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤] هُوَ أَظْهَرُ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَلِي الْعَقْدَ مِنَ الاحْتِجَاجِ بقَوْلِهِ: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١] عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَلِي الْعَقْدَ، وَقَدْ ضَعَّفَتِ الْحَنَفِيَّةُ (١) حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَحَكَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ) (٢).

الذين رووا الحديث ثقات وغير متهمين بالكذب، ثم إن الزهري بشر، وهو ينسى (٣).

وفي قصة آدم - عليه السلام - لما رأى ابنه داود فمنحه من عمره أربعين سنة فلما جاء ملك الموت يقبضه قال: يا رب بقي من عمري أربعون


(١) ضعفه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٧٣)؛ حيث قال: "حديث ابن جريج الذي ذكرناه عن سليمان بن موسى، قد ذكر ابن جريج أنه سأل عنه ابن شهاب، فلم يعرفه … وهم يسقطون الحديث بأقل من هذا، وحجاج بن أرطاة، فلا يثبتون له سماعًا عن الزهري، وحديثه عنه عندهم مرسل، وهم لا يحتجون بالمرسل، وابن لهيعة، فهم ينكرون على خصمهم الاحتجاج عليهم بحديثه، فكيف يحتجون به عليه في مثل هذا".
(٢) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٩/ ٦٨)؛ حيث قال: "ولم يقل هذا أحد عن ابن جريج غير ابن علية، وقد رواه عنه جماعة لم يذكروا ذلك ولو ثبت هذا عن الزهري لم يكن في ذلك حجة؛ لأنه قد نقله عنه ثقات … فلو نسيه الزهري لم يضره ذلك شيء؛ لأن النسيان لا يعصم منه إنسان".
(٣) يُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٦)؛ حيث قال: "وإذا ثبت هذا عن الزهري كان نسيانًا منه، وذلك لا يدل على الطعن في سليمان لأنه ثقة، ويدل على أنه نسي: أن هذا الحديث قد رواه عنه جعفر بن ربيعة وقرة بن عبد الرحمن وابن إسحاق، فدل على ثبوته عنه. والإنسان قد يحدث وينسى".

<<  <  ج: ص:  >  >>