للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (عَلَى مَنْعِ الجُنُبِ الإِقَامَةَ فِي المَسْجِدِ).

وَوَردتْ آثارٌ عن بعض الصحابة، منهم جابر بن عبد الله أنه قال: "كان أحدُنا يمر في المسجد وهو جنب" (١)، وهذا الأثر تُكُلِّمَ فيه أيضًا من حيث الصحة والضعف، ولكن نُقِلَ عن الصحابة - رضي الله عنهم - ما يُشِيرُ إلى مثل ذلك، ولذَلكَ نرى أن المرورَ ليس ممنوعًا، وإنما المُكْثُ هو الذي لا ينبغي أن يفعلَه الجُنُب إلَّا إذَا كانت له هناك حاجة أو ضرورةٌ، فهَذِهِ تَختلف، بل إنها صورةٌ أُخرى استثناها العلماء قاطبةً، وتكلموا عنها.

قوله: (وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ العُبُورَ فِي المَسْجِدِ، فَلَا أَعْلَمُ لَهُ دَلِيلًا إِلَّا ظَاهِرَ مَا رُوِيَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا أُحِلُّ المَسْجِدَ لِجُنُبٍ، وَلَا حَائِضٍ"، وَهُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الحَدِيثِ) (٢).

الحديث اختلف فيه العلماء بسبب رُوَاته.

قوله: (وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الحَائِضِ فِي هَذَا المَعْنَى هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الجُنُبِ).

أَيْ: إنَّ اختلَافَهم في الجنب هُوَ هُوَ في الحائض.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَسُّ الجُنُبِ المُصْحَفَ، ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى إِجَازَتِهِ، وَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى مَنْعِه).

للعلماء في هذه المسألة قولان:

الأول: مَنْع الجُنُب أو المُحْدث من مس المصحف، وَهَذا الرأي


(١) أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ٢٨٦)، عَنْ جابر قال: "كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازًا"، وقال الأَلْبَانيُّ: إسناده ضعيف.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٣٢)، وفي سنده جسرة بنت دجاجة. قال البخاري: "عندها عجائب"، وقد ضعف الحديث جماعة، منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي. بل قال ابن حزم: إنه باطل. انظر: "إرواء الغليل" للأَلْبَانيِّ (١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>