للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُ: … ).

في مذهب الحنابلة (١) وقليل من الشافعية (٢) يقولون: لا يجوز للولي الأبعد أن يزوِّج مع وجود الولي الأقرب (٣)، إلا أن يكون قد سافر الولي الأقرب منقطعًا؛ أي: لا يمكن الوصول إليه، فإذا سافر سفرًا منقطعًا لا يمكن الوصول إليه، فينبغي أن تراعى مصلحة البنت، وحينئذٍ تُزوَّج، وتُنتقل الولاية إلى الأبعد، فإن كان في مكان لا يمكن الوصول إليه مثل: أن يكون أسيرًا عند الكفار، أو يكون في سجن لا يمكن أن تصل إليه، ففي هذه الحالة لا يمكن أن تُعطَّل البنت؛ لأنها سيلحقها ضرر فتنتقل الولاية إلى الأبعد، أما إن كان في مكان يمكن الوصول إليه فإنه يُستأذن في ذلك أو يعقد النكاح.

قوله: (إِذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ انْتَقَلَتِ الْوِلَايَةُ إلى الْأَبْعَدِ (٤) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَنْتَقِلُ إلى السُّلْطَانِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الْغَيْبَةُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ؟ أم لا؟ وَذَلِكَ أنه لَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ فِي انْتِقَالِهَا فِي الْمَوْت).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٣٢)؛ حيث قال: "الأقرب إذا غاب غيبة منقطعة، فللأبعد من عصبتها تزويجها دون الحاكم".
(٢) يُنظر: "منهاج الطالبين" للنووي (ص ٩٦)؛ حيث قال: "ولو غاب الأقرب إلى مرحلتين زوج السلطان ودونهما لا يزوج إلا بإذنه في الأصح".
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٤/ ٢٤٩)؛ حيث قال: " (وأحق الأولياء) بالتزويج (أب) لأن سائر الأولياء يدلون به كما قاله الرافعي ومراده الأغلب، وإلا فالسلطان والمعتق وعصبته لا يدلون به، (ثم جد) أبو أب (ثم أبوه) وإن علا؛ لاختصاص كل منهم عن سائر العصبات بالولادة مع مشاركته في العصوبة (ثم أخ لأبوين أو لأب)؛ لأن الأخ يدلي بالأب فهو أقرب من ابنه (ثم ابنه)؛ أي: ابن كل منهما (وإن سفل) لأنه أقرب من العم (ثم عم) لأبوين أو لأب ثم ابن كل منهما وإن سفل (ثم سائر العصبة) من القرابة؛ أي: باقيهم (كالإرث)؛ لأن المأخذ فيهما واحد".
(٤) يُنظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص ٢٥٧)؛ حيث قال: "وإذا غاب الأقرب غيبة بعيدة زوج الحاكم وقيل أو الأبعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>