للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما كان من الصحابة إذا دُعِي أحدهم إلى حكمٍ شرعي نزل عنده ولا تردد، قال: الآن يا رسول الله؛ فنزل القرآن حاسمًا للنزاع والخلاف، قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١]، فقال: سمعنا وأطعنا، وهذا شأن كل مؤمن، إذا دُعِي إلى الحق، وإلى ما فيه سعادته في الدنيا ونجاته وفلاحه في الآخرة، فعليه أن يستجيب، وينبغي دائمًا أن يكون هينًا لينًا في طاعة الله، مستجيبًا.

فتبين أنه لا يجوز لولي المرأة أن يعضلها، واليوم نجد أن بعض أولياء الأمور يعضلون أخواتهم وبناتهم وبعض قريباتهم، لمصلحةٍ من مصالح الدنيا: إما أن تكون موظفة، أو مدرسة، أو لها دخلٌ من أموالها من هذه الدنيا لهذه الأسباب تجد أنه يبقيها محبوسة حتى تُعنِّس، فتمر عليها السنوات الطوال فيُضيِّع حقها، فالمرأة بطبيعتها تميل إلى الرجال مهما أُعطِيَت من أموال الدنيا، ومهما أُكرِمَت راحتها وسعادتها وطمأنينتها مع زوج يحفظها ويكرمها.

قوله: (وَاتَّفَقُوا (١) عَلَى أنه لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أن يَعْضُلَ وَليَّتَهُ إِذَا دَعَتْ


(١) ينظر مذهب الحنفية في: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٥/ ٢٢٠)؛ حيث قال: "كالولي في باب النكاح إذا عضل انتقلت الولاية بسبب العضل إلى القاضي".
وينظر مذهب المالكية في: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (ص ٢٧٩)؛ حيث قال: "ولا يجوز لولي عضل وليته إذا دعته إلى كفء في الدين والحال والمروءة ويزوجها عليه الإمام".
وينظر مذهب الشافعية في: "روضة الطالبين" للنووي (٧/ ٧٧)؛ حيث قال: "ولو عضل الواحد أو الجمع، زوج السلطان".
وينظر مذهب الحنابلة في: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٥٤)؛ حيث قال: " (أو عضل الأقرب زوج الأبعد) يعني: من يلي الأقرب من الأولياء؛ لأن الولاية لا تثبت للأقرب مع اتصافه بما تقدم، فوجوده كعدمه، ولتعذر التزويج من جهة الأقرب بالعضل جعل كالعدم، كما لو جن. فإن عضل الأبعد أيضًا زوجها الحاكم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي لها". (والعضل منعها) أن تتزوج (بكفء إذا طلبت ذلك ورغب كل منهما في صاحبه) بما صح مهرًا (ولو) كان (بدون مهر مثلها) يقال: داء عضال إذا أعيا الطبيب دواؤه، وامتنع عليه. وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>