للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى كُفْءٍ، وَبِصَدَاقِ مِثْلِهَا (١)).

أما بصداق مثلها: فهذه ليست محل اتفاق كما عند الحنفية (٢)، لكن لو كان الصداق أقل فلا يضر، ما دامت رضيت به؛ لأنه خالص حقها؛ يعني: إذا جاءها إنسان كفء واطمأنت إليه، فينبغي أن يُستجاب له في هذا الأمر حتى وإن نقص في الصداق.

وفي قصة تزويج الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل الإسلام، قال أبو طالب: "إن كان في المال قِلة فإن المال ظلٌّ زائل، وعاريةٌ مستردة" (٣)، الظل: هو عندما تأتي الشمس تظلل الجدار ثم يزول هذا الظل، وعاريةٌ مستردة؛ أي: عندما تستعير إناءً أو كتابًا أو فراشًا أو غير ذلك، فالواجب أن ترده، والله تعالى نهى عن ذلك فقال: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٧]، فرد العارية (٤) مطلوب.

وفي قصة المخزومية، التي أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها وكانت تستعير الحلي ولا تردها، ولما أرادوا أن يتوسطوا، كيف تُقطَعُ امرأة لها مكانة وشهرة من قبيلة، أقسم الرسول - عليه الصلاة والسلام -: "وَاللَّهِ لَوْ أن


(١) صداق المثل: هو القدر الذي يعطى في العادة لمثيلات هذه المرأة بحسب حالها وجمالها ونسبها وبكارتها، أو هو مهر امرأة تماثل الزوجة وقت العقد بمن يساويها من أقاربها؛ قال القاضي عبد الوهاب في "التلقين في الفقه المالكي" (١/ ١١٦): "وصداق المثل معتبر بحالها وما هي عليه من جمال وحال وأبوة، فيكون لها بحسب ذلك وما يكون مثله لأقرانها في السن ومن كان في مثل حالها".
(٢) سيأتي.
(٣) ذكره السهيلي في "الروض الأنف" (٢/ ٨٩) قال: "وهو الذي خطب خطبة النكاح وكان مما قاله في تلك الخطبة: أما بعد فإن محمدًا ممن لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به شرفًا ونبلًا وفضلًا وعقلًا، فإن كان في المال قُلٌّ فإنما ظل زائل وعارية مسترجعة وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك".
(٤) العارية: ما استعرت من شيء، سميت به لأنها عار على من طلبها، يقال: هم يتعاورون من جيرانهم الماعون والأمتعة. ويقال: العارية من المعاورة والمناولة. يتعاورون: يأخذون ويعطون. "العين" (٢/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>