للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا" (١)؛ فهذا الشرع لا يختلف فيه الكبير والصغير والشريف والدنيء، هذه شريعة عدل، ينبغي أن تُطبَّق على جميع الناس، ولذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليهم ذلك.

قوله: (وَأَنَّهَا تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلى السُّلْطَانِ فَيُزَوِّجُهَا، مَا عَدَا الْأَبَ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَذْهَبُ) (٢).

فعندما يعضلها الولي يلحقها الضرر؛ لأنها أصبحت عانسًا (٣)؛ يعني: عندما يأتيها شاب صغير لا يُقبل عليها، وربما يأتيها إنسانٌ في سن والدها، لا تستقر معه، فلا ينبغي أن تكون أمور الدنيا عائقًا للبنت عن أن تزوج وإلا سيُسأل ولي أمرها عنها يوم القيامة، وإذا وقف هذا الولي بين يدي الله عز وجل وسُئِلَ لماذا أخرت هذه عن الزواج؟ وأهملت حقها؟ ما جوابك؟ تقول: لأنني أستفيد من كذا، فأنت أمام حكم عدل، لا يمكن أن تحتال أو أن تخادع، فالأب إذا عضل المرأة وألحق الضرر بها فمن حقها أن تتقدم إلى السلطان، والسلطان جعله الله سبحانه وتعالى حَكَمًا، وهو المسؤول عن الرعية، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ


(١) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨/ ٨) عن عائشة - رضي الله عنها -: أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتشفع في حد من حدود الله" ثم قام فاختطب، ثم قال: "إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
(٢) يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٢/ ٨٢)؛ حيث قال: "ويصير الولي عاضلًا إذا عينت كفؤًا فرده، إلا الأب في ابنته البكر، فإنه لا يكون برد أول خاطب أو خاطبين عاضلًا".
(٣) العانس من النساء والرجال: الذي يبقى زمانًا بعد أن يدرك لا يتزوج، وأكثر ما يستعمل في النساء. يقال: عنست المرأة فهي عانس، وعنست فهي معنسة. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٣/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>